خاص كورونا نيوز - محمد كسرواني
خلال الأيام الماضية ارتفع عداد فيروس كورونا في لبنان بشكل "رهيب". أرقام صادمة تصدر يومياً. فبعدما تعوّد اللبنانيون على أرقام لا تزيد عن 100 إصابة، إرتفع العدد 4 أضعاف وفق إحصاءات وزارة الصحة العامة يوم الأحد 16-08-2020. فكيف وصلنا إلى هذا الرقم؟ وما هي الإخفاقات التي ارتكبت حتى خرج الملف عن السيطرة؟ وهل سينجح الإقفال العام في العودة إلى ما قبل الإنتشار؟ وما هو تقييم لبنان عالمياً بعد الزيادة السريعة في أعداد المصابين والوفيات؟
يقول عضو اللجنة الطبيّة لمتابعة إجراءات كورونا البروفيسور عبد الرحمن البزري إن الرّقم الّذي وصلنا إليه اليوم كان متوقّعاً. فأعداد الإصابات كانت تسير وفق تزايد تدريجي حتّى ما قبل إنفجار المرفأ، ولكن ما نتج عن إسعاف للجرحى وخروج النّاس من منازلها المنكوبة بحثاً عن مساكن مؤقتة، والإكتظاظ في المستشفيات من الجرحى وذوي الشهداء والمفقودين، وحالة الفوضى التي سادت المناطق كافّة، ونقل المرضى بين المستشفيات إمّا لتضرّرها أو لإمتلائها، كل ذلك حصل دون اتخاذ إجراءات الوقاية الكافية ما ساهم بنقل الفيروس بين مختلف المناطق اللبنانية وارتفع عدد الإصابات سريعاً.
لبنان في خطر .. أربعة أسباب
وفي حديث لموقع "كورونا نيوز" يُقيّم الدكتور البزري وضع لبنان بالخطر، عازياً الأمر إلى أربعة اسباب رئيسية. الأول ارتفاع عدد الإصابات، خاصةً في ظل الإستهتار من قبل المواطنين وعدم اتخاذهم الإجراءات كما يجب، وقد بان ذلك بوضوح خلال مساعدة المنكوبين والجرحى من إنفجار المرفأ. وقد استمرّ الإستهتار حتّى بعد الإنفجار عندما همّ الجميع لمساعدة عوائل البيوت المنكوبة في رفع الدمار وإعادة التّرميم.
ثاني الأسباب، إرتفاع أعداد المصابين في الطواقم الطبيّة من ممرضين ودكاترة وعاملين في المستشفيات، حتى زاد العدد عن 400 مصاب من الطواقم كافةً، وهو مؤشر خطير جداً. السبب الثالث، عدم قدرة المستشفيات الرئيسية على استيعاب المزيد من المصابين، خاصة مع وجود جرحى فيها نتيجة إنفجار 4 آب. أمّا السّبب الرابع فهو عدم وجود حتى السّاعة خطّة رسميّة جديّة لضبط الوضع، فباستقالة الحكومة وانشغال لبنان بأزماته نفتقد ايّ خطة شاملة لمكافحة الوباء.
أمّا وضع لبنان عالمياً فأعداد الإصابات نسبةً لعدد الفحوصات بلغ 5% تقريباً وهي نسبة خطرة وضمن تصنيف "الرّقم الصعب". أمّا عن أعداد الوفيّات نسبةً للمصابين فبلغت 1.3% وهي ضمن "المعدل الجيد"، لكنّها مؤشّر خطر إذا ما تمّت مقارنتها بأعمار المتوفين.
إقفال عام .. بشروط خاصة
وعن خطة وزير الصحة العامة حمد حسن بالعودة الى الإقفال العام، يرى عضو اللّجنة الطبيّة لمتابعة إجراءات كورونا، أنّه يُعيق نجاح الخطة مجموعة عوامل مهمّة. منها أنّ العاصمة اليوم تخضع لحالة الطوارئ بقرار من الحكومة وإجراءات من الجيش اللبناني. ثاني العوائق - في حالة إعلان الإقفال التّام - توقّف أعمال الإغاثة وإعادة الإعمار في كافّة المناطق، خاصةً المنكوبة، فهي ستحتاج إلى وضع خاص.
من المعوقات أيضاً، عدم إلتزام بعض المناطق بأي إجراءات، وعدم قدرة القوى الأمنية على ضبطها، ما سيتكرر حكماً في أي إقفال تامّ جديد. ويلفت الدكتور البزري في حديثه لموقعنا، إلى أنّ العائق الأهم أنّ الإقفال المؤقّت سيضبط الوضع ويسمح بتتبّع الحالات ورصدها وإعطاء مهلة للمستشفيات لإعادة ترتيب وضعها، لكنّه بعد فتح البلد لا يوجد خطّة واضحة لما ستؤول إليه الأمور، وقد يعود الوضع الى ما كان عليه سابقا.
على الطّريقة اللبنانية ..
"حلّ الأزمة يحتاج الى خطة تناسب لبنان"، يقول الدكتور البزري، مضيفاً "فلا الإقفال حلّ لأنّه يشلُّ البلد والحركة الإقتصادية، ولا فتح البلد حلّ لأنّه يُساعد بانتشار الوباء. والتجربة أثبتت أنّه لا يمكن الإعتماد على وعيّ اللبنانيين، لأنّه لم نشهد توقف الأفراح والأحزان ومجالس العزاء رغم دعوات البلديات وإرشادات الوزارة والمنظّمات الإنسانية". كما دعا البزري الى إيجاد خطّة عمليّة تناسب لبنان وتعيده الى الحياة مع الحدّ الأدنى من الإصابات.