(أم ّالبنين مصطفى)
آخر بصمات "كورونا" في لبنان تصاعد متسارع في المُنحنى البياني للوباء، لِيَصل إلى أعلى مستوياته بوصول عدد الإصابات إلى ٤٥٦ إصابة في يوم واحد. في حين بلغت الأعداد في الأسبوع الأخير٢٥٢٢ إصابة، ما يعني بشكل آخر وبمعدّلٍ تقريبيّ، إصابة شخص واحد بالوباء كل أربع دقائق.
رقم صادم أعلن معه أمس وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن - بعد تحذيرات متتالية - وصولنا إلى "شفير الهاوية". الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات فيها ما فيها من التّحدي وتحمّل المسؤولية أوْلها الإقفال التامّ كحلٍّ يحدّ من الإنتشار أكثر فأكثر.
جولة في أخبار العالم المثقَل بالوباء توضِّح حجم الكارثة التي تستوطنه. فيروس كوفيد-١٩ الذي أرقد حتى اليوم ٢١ مليون شخص بين فراش البيت والمستشفى، وقتَلَ أكثر من ٧٠٠ ألف شخص، حلّ تدهوراً في الإقتصاد الدولي وتراجعاً في الإقتصادات الرئيسية في العالم وارتفاعاً في نسب البطالة وعدد الفقراء في وقتٍ فقدَ فيه واحد من ستة من شباب العالم فرصة عمله.
نتائج دفعت منظمات عالميّة صحيّة واقتصادية إلى دقّ ناقوس الخطر، معتبرين الوباء السريع الإنتشار أشدّ أزمة مرّت على العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
لكن الصادم فعلاً والمدهش بعد كل ما سبق أن يتحفك البعض بقولهم "كورونا ليس حقيقياً"! في موقف ينافي المنطق والعقل بينما لا يزال المشهد الإيطالي ماثلاً في الذاكرة.
وإن كانت هذه "مزحة" فهل يمكن لأصحاب الرأي هؤلاء أن يشرحوا للعالم أجمع كيف تكون حقيقة الأوبئة والأزمات؟
وإن لم يكن كلام العقل والمنطق والطب حجة عليهم، ولم يقتنعوا أيضاً بكلام الدين الملزم بحماية النفس والآخرين، أفلا يكون الموت واعظاً لهم؟
أمثال هؤلاء بتراخيهم واستهتارهم يُضعفون جبهة الحرب في مواجهة الوباء، ويعرّضون الخط الأول للدفاع (الأطقم الطبيّة) إلى أقصى درجات الخطر، متناسين أنّ هذا الخطر محدق بهم وبأحبائهم أيضاً.
وإذا استمرّ الوضع هكذا: مناسبات وأعراس، تنزّه هنا وتجمّع هناك دون أسباب موجبة، مترافقاً مع لا مبالاة في إجراءات الوقاية.. إذاً مرحباً بالتهويل من الآن فصاعداً ومرحباً بالهلع الذي قد يجعل الناس جليسي منازلهم. عسى الهلع يجعلهم متباعدين ملتزمين الحجر الصحي اللازم.
فليضع كل مكذّب بفيروس كورونا في باله العجائز، الأطفال الصغار، المرضى المعذّبين بأمراض مستعصية ومزمنة وليسمع مناشداتهم: ابقوا كورونا بعيداً منا، البسوا الكمّامات، اليوم فرصة أخيرة قبل الإنهيار الكبير! الهلع قد ينقذنا، اهلعوا ها قد حان وقت الهلع!