عاد لبنان منذ أيّام إلى التعبئة العامّة والإقفال لمدّة تستمر أسبوعين من أجل الحدّ من انتشار فيروس كورونا بعد تسجيل إرتفاع كبير في عدد الإصابات والوفيات، في خطوة سبق أن أعلنتها الحكومة اللبنانية قبل أن تُعلّقها إثر الإنفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في الـ4 من آب الجاري. وقد تفاوتت نسبة الإلتزام بين منطقة وأُخرى. فكيف بدا مشهد الإفقال في المناطق اللبنانية؟
بيروت
في بيروت سُجّل التزام جزئي بالإجراءات، وسط المطالبة بإنهاء الإقفال. فمن ناحيته، أكّد رئيس "جمعية تجّار بيروت" نقولا شمّاس، في اجتماع طارئ لنقابات القطاعات التجارية، أنّهم سيُعيدون فتح مؤسساتهم بدءاً من يوم الأربعاء المقبل. وقال إنّ القرار الظالم بالإقفال لا يمكن أن يستمر بعد اليوم على القطاع التجاري. ونحن نلتزم بالبروتوكول المتّبع للوقاية من كورونا. وأضاف أنّ الدولة غائبة، خصوصاً في الموضوع الإقتصادي وسنكون محظوظين إذا بقي 25 في المئة من المؤسّسات التجارية على قيد الحياة.
وأشار شمّاس إلى أنّ "الدولة لا يمكنها تأمين دخل بديل وفي ظل حبس الأموال بالمصارف. هذا الإغلاق ليس مقبولاً، وهناك إجماع من التجّار في كل المناطق"، مشدداً على موافقة التجّار على فتح محالهم "6 ساعات في اليوم بالحد الأدنى، على أن يحدد التجار الدوام".
كما شدد على أنْه "باسم كل النقابات نحن نمدّ يدنا من خلال الكلام المباشر الذي نوجّهه للجهات المختصّة من أجل التعاون، ونريد قراراً صارماً من قبل الحكومة، لأنّنا لا نقبل بالهمس وبالقرارات التي تؤخذ من تحت الطاولة"، مؤكداً أنّهم "أحرص الناس على صحة موظفينا والزبائن والمواطنين، ونحن منفتحين على الموضوع ولكن لا ينتظر أحد منّا أن نكون انتحاريين".
صيدا
وفي السّياق، التزمت عاصمة الجنوب صيدا بمقررات وزارة الداخلية لجهة إقفال قطاعات محدّدة، مع تسجيل بعض الخروقات في أوّل أيّام التعبئة العامّة، وبدت حركة السير عادية في الشّوارع. ولكن قرّر عدد كبير من التّجار في سوق صيدا التجاري اليوم الإثنين فتح محالهم واستئناف العمل بالرّغم من قرار التعبئة القاضي بإقفال هذا القطاع، وبدأت معظم المحلات داخل السوق ومنذ الصباح بفتح أبوابها تدريجياً وذلك بعدما كانوا قد التزموا قرار التعبئة الذي بدأ نهار الجمعة، وسط مُطالبتهم بعدم شمولهم بقرار الإقفال نظراً إلى أنّ محال التجزئة لا تشهد اكتظاظاً وإقبالاً من المواطنين كما أنّ جميع التجّار يراعون الإجراءات الوقائية المطلوبة من ارتداء كمامات وتعقيم، في حين شهدت الطرقات المؤدية الى السوق اليوم حركة سير طبيعية.
صور
الى ذلك، سجّلت مدينة صور ومنطقتها التزاماً بنسبة 60 الى 70 % بقرار وزارة الداخلية والتعبئة العامة في البداية ولكن سرعان ما تقلّصت النسبة.
ففي حين شهدت الأسواق في اليوم الأول للتعبئة، حركة خجولة وأقفلت بعض المحال غير المسموح لها كالمطاعم والمقاهي واقتصرت بعض المطاعم على "الدليفري"، وأقفلت الشواطئ أمام روّادها، وغابت زحمة السير عن الكورنيش البحري، سجّلت المدينة أمس خروقات لقرار التعبئة العامّة، منها عدم التزام عدد من أصحاب المحال التجارية غير المستثناة بقرار الإقفال، وإبحار مراكب سياحية على شاطئ صور، إضافة إلى حركة ملحوظة في الأسواق وعدم احترام التباعد.
النبطية
وفي النبطية المشهد ذاته، فقد تداعى تجّار المدينة صباح أمس الأحد، إلى وقفة احتجاجية في السوق التجارية، مُطالبين بفتح محالهم والعودة إلى العمل، بعدما تسببت الأوضاع الإقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار في تقويض مصالحهم وانهيارها، بمشاركة رئيس جمعية تجار محافظة النبطية محمد قاسم ملي وأعضاء من الهيئة الإدارية للجمعية وتجار.
ورفع التجّار صوتهم "ضد القرار الجائر بإقفال أبواب رزقهم"، وطلبوا "استثناء يسمح بفتح المحال يومياً حتى الثانية بعد الظهر، على أن يلتزم أصحابها الوقاية الصحية والتعقيم وعدم الإزدحام داخل المحال، وذلك بعد الإلتزام الكامل لقرار الإقفال ولو على مضض".
البقاع الشمالي والهرمل
منطقة البقاع الشمالي والهرمل شهدت بدورها التزاماً جزئياً بقرار التعبئة العامة، حيث سجّل إقفال المحال والمؤسسات التجارية، واقتصرت الحركة على محال السمانة والخضار والأفران، فيما انتشرت عناصر من الشّرطة البلدية في الهرمل للتّأكيد على حسن سير التزام القرار.
وعقد اليوم الإثنين في مكتب قائمقام الهرمل طلال قطايا وحضور قائد سرية درك بعلبك المقدم جوزف حجار، إجتماع عمل حضره رئيس اتحاد بلديات الهرمل نصري الهق، رئيس بلدية الهرمل صبحي صقر ورؤساء بلديات القضاء.
وجرى خلال الإجتماع البحث في الإجراءات الجارية في سبيل تنفيذ التعبئة العامّة والتزام المؤسّسات قرار الإقفال والتزام الكمامة للحد من انتشار وباء كورونا.
طرابلس
وفي طرابلس، تواصل دوريات مشتركة من شرطة البلدية مع مخابرات الجيش وقوى الأمن الداخلي، جولاتها في المدينة لمتابعة تنفيذ قرار التعبئة العامة في مدينة طرابلس، وأغلقت العديد من المحلات المخالفة للقرار، منبهةً المواطنين إلى ضرورة الإلتزام بالضوابط الصحيّة والبقاء في منازلهم، وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى.
وقد قامت عناصر من شرطة بلدية طرابلس بإغلاق المحلات التجارية في شوارع عزمي، قاديشا، نديم الجسر.
عكار
وفي عكار، سيّرت قطعات قوى الأمن الداخلي درويات في مختلف المناطق العكارية وأقامت حواجز ثابتة لمتابعة تطبيق قرار التعبئة العامة وخطّة الطوارئ للحد من تفشي فيروس كورونا.
ولوحظ منذ اليوم الأوّل لهذه الخطّة، أنّ القسم الأكبر من المقاهي والمطاعم في حلبا والجوار لم يلتزم خطّة الطوارئ، وكذلك المحال التجارية غير الملحوظة باستثناءات الخطّة، وقد فتحت أبوابها أيضاً بشكل اعتيادي، بالإضافة إلى عدم احترام مسافات التباعد الاآمنة وعدم وضع القسم الأكبر من المتجوّلين الكمامات.
وعلى ضوء ما تقدم، يضع المواطن اللبناني سؤالاً برسم المعنيين، ألم يحن الوقت للتخلّي عن سياسة الإقفال التي لن يكون لها مردود سوى القضاء على ما تبقى من اقتصاد، واستبدالها بالتوعية أو القمع الصارم لمخالفي تدابير الوقاية من فيروس كورونا الذي سوف يكون علينا التعايش معه طويلاً؟