محمد كسرواني - خاص "كورونا نيوز"
مع تزايد أعداد المصابين يومياً بفيروس كورونا (كوفيد-19)، وتغيّر وجه العالم وكافّة إجراءاته من التنقّل والسّفر والحجر المنزلي والإقفال العام وتوقّف التعليم والمراكز السياحية، تشخص الأبصار نحو اللقاح، آملاً بإعادة الحياة إلى طبيعتها. فمنذ أشهر والناس تسمع عن تطوّر لقاح هنا، وبدأت التجارب السريرية هناك، لكن كم شركة حتّى الآن وصلت لمرحلة التجارب النهائيّة؟ ومتى سيكون اللقاح متوفّراً لما يقارب 7.8 مليار شخص؟ وما المهلة الزمنية بين انتهاء التجارب وبدء عمليات التصنيع؟
للإجابة على الأسئلة الواردة أعلاه، ولمعرفة المزيد من التفاصيل، أجرى موقع "كورونا نيوز" مقابلةً مع الأستاذ والباحث في علم الفيروسات في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) الدكتور حسن زراقط.
46 لقاحاً .. 9 منها في المرحلة الثالثة
يقول الدكتور زراقط إنّ تعداد اللقاحات التي يجري تطويرها حالياً بلغ 46 لقاحاً، تنتجها عدّة شركات، منها لقاحات اشترك في تطويرها أكثر من شركة عالمية. ويفصّل أنّ 23 لقاحاً في المرحلة الأولى من عملية الإنتاج، 14 في المرحلة الثانية وهي مرحلة دراسة الأجسام المضادّة الناتجة عن اللقاح والأعراض الجانبية. فيما هنالك 9 لقاحات فقط في المرحلة الثالثة، وهي مرحلة التجارب السريرية.
ويشير الدكتور زراقط إلى أنّ هدف المرحلة الثالثة يتحقق بتوفير الحماية من الإصابة بالعدوى لأوسع شريحة من الناس ضمن فئاتهم العمرية المختلفة. لافتاً إلى أنّ بعض الدول تخطّت المرحلة الثالثة وأعطت موافقات جزئية على اللقاحات لتجرّب على فئة أوسع، كاللقاح الروسي الذي أُعطي للشعب، واللقاح الصيني الذي قُدّم لعناصر الجيش، فيما رفض الجهاز الطبي الأميركي طلب السلطات بتخطي التجارب السريرية وتقديمه للشعب، ولو تأخّرت مهلة المرحلة الثالثة.
حصة لبنان والتعاون مع "COVAX"
للبنان حصة أيضاً من أيّ لقاح ينتج عالمياً، لكن بكمية محدودة جداً. يشرح الأستاذ والباحث في علم الفيروسات الدكتور زراقط أنّ لبنان حجز كمية من اللقاحات بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومبادرة كوفاكس "COVAX" المصممة لضمان الوصول العادل إلى لقاحات فيروس كورونا.
تعمل هذه المنظّمة على التواصل مع شركات إنتاج اللقاحات حول العالم، وتسعى في حال نجاح أيّ منها - بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية - على إنتاج ملياريّ لقاح أيّ لنسبة 20% من سكان الكرة الأرضية. ويلفت الدكتور زراقط إلى أنّ الدول الغنية الداعمة لكوفاكس ستحصل على اللقاحات التي تطلبها، أمّا الدول الفقيرة والأقل دعماً، ستحصل على كمية محدودة ستكون مخصصة للطواقم الطبية والأفراد الأكثر عرضةً للإصابة والكبار في السن.
مناعة المصاب بعد التعافي 3 أشهر ..
المعروف انّ المتعافين من أيّ وباء أو فيروس يحملون معهم مضادات حيوية ومناعة جديدة، لكن في فيروس كورونا الأمر مربكٌ قليلاً. فالخلايا المناعيّة بحسب أكثر الدراسات تستمر لثلاثة أشهر فقط. بعض اللقاحات التي نحصل عليها في السنوات الأولى من العمر، كالحصبة وغيرها، لا يتغيّر شكل الفيروس وعليه يمكن للجسم حفظها طيلة فترة الحياة. بعضها يتغير شكل الفيروس قليلاً ونحتاج إلى لقاحات سنوية مثل الأنفلونزا. أمّا فيروس كورونا فهو متغيّر، وقابليّة الجسم على حفظه - بحسب آخر الدراسات - قصيرة المدى وبالتالي لا معلومات عن مدى حاجتنا للقاحات.
ويقول الدكتور زراقط إن اللقاحات التي يجري اختبارها حالياً ستكون على جرعتين بفاصل زمني 4 أسابيع، وبالتّالي قدرة الشركات العالمية على إنتاج أيّ لقاح سيحتاج الكثير من الوقت ليتوفر لكافة سكان الكرة الأرضية ولو تظافرت الجهود. هذا بحسب المعطيات الحالية، لكن من الممكن أن نشهد اختلافاً في التقديرات الزمنية إذا جمعت الأموال لتطوير آلات الإنتاج، وهو ما متوقع لعالمية الوباء وخطره خاصةً لسرعة التنقل والعدوى.
متى سيكون اللقاح جاهزاً؟
وفي ختام حديثة لموقع "كورونا نيوز" يؤكد الأستاذ والباحث في علم الفيروسات في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) الدكتور حسن زراقط أنّه لو انتهينا الآن من الدراسة وبات اللقاح جاهزاً للتصنيع، فإنّنا سنحتاج حتّى نهاية العام 2021 ليكون متوفّر لكافّة الدول. وكلما استغرقنا المزيد من الوقت في الدراسة ستطول المدّة. لافتاً إلى أنّه ولو وصلت شركة أو دولة إلى لقاحٍ ما، الشركات الباقية لن تتوقف عن الإستمرار بالتجارب، حتى ولو شاركت في إنتاج اللقاح الفعّال، فكثرة التجارب وتعدّدها ستنتج لقاحاً أفضل وبفعالية أعلى، لكنّه حتّى السّاعة الفيروس موجود وعلينا التعايش معه وفق الإجراءات الوقائيّة اللازمة.