ايمان مصطفى
سجّل لبنان يوم أمس أعلى معدّل إصابات بفيروس كورونا منذُ شباط الماضي بـ 1006 حالة، مما ينبئ بكارثة صحية حقيقية بهذا البلد الذي يرزح تحت وطأة الظروف الإقتصادية المتردية. فبات الوضع الوبائي على المِحك، وسط الخشية من انفلات الأمور إلى الأسوأ.
وللوقوف عند آخر مستجدات تفشي الوباء والتطرّق للقضايا المتعلّقة بملف الإنتشار، تواصل موقع "كورونا نيوز" مع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن الذي أعرب عن استغرابه بالرّقم الصادم الذي فاق كل التوقّعات، آملاً أن "يدفع هذا العدد للمزيد من التشدد والتعاون والإلتزام والوعي من قبل المواطنين". وقال: "في حال الإلتزام، سنشهد أرقاماً مرتفعة ولكن ليست كالرّقم الصادم أمس"، وأسف لأنّ" هذه النسبة خارج قدرة النظام الصحي اللبناني على استيعابها"، مضيفًا: "أمّا في حال عدم الإلتزام فإنّنا ذاهبون لأمور لا تُحمد عقباها".
توصيات بالإفقال
وانطلاقاً من معطيات الأمس، حذّر حسن من أنّ لبنان دخل مرحلة الذروة الثالثة عقب انفجار المرفأ في بيروت في الرابع من آب، بعدما انتهت الذروة الثانية التي بدأت عقب فتح البلد في الأوّل من تموز الماضي.
وقال إنّ "الإنفجار خلط كل الأوراق وأطاح بالخطّة الإستعابية للمستشفيات والإستباقية للفرق الميدانية بالوزارة التي كان من المترتّب عليها أن تُتابع عدد المصابين وتتقصّى عنهم وتعمل على تشخيص مبكر للمخالطين والعناية بهم للحؤول دون تسجيل حالات وفاة، ناهيك عن التفلّت والإستهتار بإجراءات التعبئة العامّة، إذ أنّها لم تتعدّ مرحلة الإعلان اللفظي من دون مراعاة لأي ضوابط".
ولفت وزير الصحة العامّة إلى أنّ "التوصيات الصادرة عن اللجنة العلمية الطبية التي تمّ رفعها إلى لجنة كورونا الحكومية، بعد اجتماع اللجنة برئاسته (وزير الصحة) صباح اليوم الإثنين في وزارة الصحة دعت إلى "الإقفال التام لمدة أسبوعين، بما يشكّل فرصة لالتقاط الأنفاس والإستعداد لموسم الخريف المقبل الذي يُنذر بموسم إنفلونزا مع الكورونا".
واعتبر أنّ "الإقفال التام يُتيح زيادة قدرة المستشفيات الحكومية على استيعاب الحالات التي تعاني من عوارض في ظلّ ارتفاع نسبة الوفيات في الأسبوعين الأخيرين، وتحث المستشفيات الخاصّة لاستحداث أقسام خاصّة بكورونا".
وقال: "أنا معني بالقطاع الصحي وبالتالي رفعت هذه التوصيات إلى لجنة كورونا الحكومية التي ستقرّر العمل بها أو لا، لأنّ عليها أن تُوائم بين حاجات مختلف القطاعات"، مضيفاً: "أتفهم هواجس الهيئات الإقتصادية والصناعية والإجتماعية وأقدّر دقّة الوضع اقتصادياً ومالياً ولكن ما نطلبه يطبّق في الكثير من دول العالم وحتى المتقدّمة منها التي تعاني من انتشار واسع للوباء".
خلط عينات كورونا
وعن خلط عيّنات "كورونا" للإسراع بتحليل نتائج الفيروس، أكّد وزير الصحة حمد حسن أنّه بهدف "كسب الوقت" وإجراء فحوصات لأكبر عدد من الأشخاص لكشف إصابتهم بفيروس كورونا، يتمّ تجميع قرابة الخمس عيّنات معاً وفحصها. وإذا ما جاءت النتيجة سلبية يُعتبر أصحاب العيّنات سليمين. أمّا في حال جاءت إيجابية فيُعاد فرز العينات وتخضع لإعادة الفحص كل على حدة.
وأضاف: "في المبدأ، تُستخدم هذه التقنية التي تسمى "pooling" لدى إجراء مسح واسع لتجمعات سُكانية كبيرة تكون نسبة الإصابات فيها ضئيلة. إلّا أنّها لا تصلح تماماً في حالات الإنتشار الواسع للوباء، كما هو الحال في لبنان حالياً خصوصاً بعد الرقم الهائل أمس. فأخذنا اليوم توصية مع لجنة المختبرات بإلغاء تقنية الـ "pooling" لأنّه في حال الخلط وظهور حالات إيجابية كثيرة ستُعاد كلّها وبهذا ستكون النتيجة عكسية من حيث توفير الوقت والجهد".
نصيحة للبنانيين
كما وجّه حسن كلمة من القلب إلى القلب للمواطنين عبر موقع "كورونا نيوز" قائلاً إنّ "نسبة الإصابات باتت مرتفعة جداً، محذّراً من أنّنا في خطر الإنتشار السريع، وتحديات المعيشة الصعبة التي نتعرّض لها تُحتّم علينا أن نلتزم أكثر، وأن نمتلك جميعاً حسّ المسؤولية التي يجب أن يتشارك بها المواطن والدولة معاً، إذ أنّ المواطن الذي تعرّض للإصابة نتيجة استهتاره لا يستطيع إلقاء اللوم على الدولة باعتبارها لم تقدّم له شيئاً". متمنياً "السلامة للجميع".
تلاعب المستشفيات بأعداد ضحايا كورونا
مؤخّراً، تردّدت أنباء عبر منصّات التواصل الإجتماعي في لبنان وإحدى وسائل الإعلام، عن تلاعب بين وزارة الصحة العامّة والمستشفيات الخاصّة بوفيات كورونا وتزوير الأسباب الحقيقية لبعض الوفيات ولصقها بكورونا بهدف تقاضي أموال من الجهات المانحة المخصّصة لمساعدة لبنان في مواجهة الوباء. كلام نفاه وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن جملةً وتفصيلاً، موضِّحاً في حديث لموقع "كورونا نيوز" أنّ للوزارة لجنة تقصّي وترصّد وبائي، توثّق كل حالة كورونا، وتُضيفها إلى قوائم الوزارة منذ الإصابة وحتى الوفاة إن حصلت.
وشدّد حسن على أنّه يجب حسم الجدل الحاصل، فإن صدقت الشائعات، سيظهر للعيان أنّ هناك مؤامرة تُحاك بين بعض المستشفيات الخاصّة وأهالي الضحية، مؤكّداً أنّ وزارة الصحة براء من أي ادعاء في هذا الخصوص، مشيراً إلى أنّ "أي كذبة بخصوص حالات وفاة كورونا لها تداعيات قانونية وقضائية مسلكية، فهذا تزوير وجرم".
وتابع: "لدينا لوائح ومُعطيات عن كل مصاب، بحيث أنّه من المفترض أن تُعلِمنا المُستشفيات بإصابة شخص ما منذُ البَداية، وليس حين وفاته، وبالتالي لا مكان للشك والتلاعب من قبلنا"، لافتاً إلى أنّنا "ندفع الأموال لإصابات كورونا وفق الفواتير المرفقة، من قرض البنك الدولي، وهذا يستوجب منّا المتابعة عبر فرق من الوزارة ومن شركة تدقيق من قبل البنك الدولي لتغطية الحالات".
وقال: "ولكن اذا تمّ التلاعب بالحقائق بين أهل الضحية والمستشفى الخاص والتوافق على تقاسم المبالغ خصوصاً في حال تخلّف الأهل عن الدفع فهنا يُدان الطرفين حصراً".
واذ أشار إلى أنّه "يجب التحقيق بهذه القضية"، اعتبر في الوقت نفسه أنّه "من الصعب إتمام هكذا صفقة لأنّ مريض الكورونا اليوم لم يعد يستطيع إيجاد سرير له عند الحاجة إلّا عبر وزارة الصحة وبذلك تُشخّص إصابته بالفيروس من قبلها".