محمد كسرواني - خاص كورونا نيوز
مع بَداية ظهور فيروس كورونا (كوفيد-19) في لبنان، وضعت الهيئة الصحية الإسلامية مهمّة مكافحة الوباء العالمي نصب عينيها. جهّزت أفرادها وآلياتها بوسائل لنقل كافّة الحالات وتعقيم الشوارع والأبنية. ومع وفاة أَوّل حالة بالفيروس، بدأت فِرق الدفاع المدني التابعة للهيئة التدرّب على كافّة إجراءات دفن المتوفين، آخذين بعين الإعتبار كل إجراءات الوقاية والسلامة. فما هي إجراءات الدفاع المدني من لحظة الوفاة وحتى الإنتهاء من مراسم الدفن؟
يشرح مسؤول ملف المتوفين جرّاء فيروس كورونا صادق حمية لموقع "كورونا نيوز" كافّة التفاصيل. يقول إنّه حتّى الآن جميع المتوفين إمّا تفارقهم المنيّة في المستشفيات اللبنانية أو في الخارج، وفي كلا الحالتين يتم التواصل معنا بشكل أساسي من قبل الأهل، وأحياناً من قبل بعض المستشفيات. كل الإجراءات المتّبعة تُنفّذ بأقصى درجات الوقاية وفق توصيات اللّجنة العلمية في الدفاع المدني - الهيئة الصحية ووفق معايير منظّمة الصحة العالمية.
ويتابع إنّ المهمّة تبدأ بنقل المريض من برّاد المستشفى أو المطار إلى مكان المغسل. فريق متخصص قوامه 3 أفراد على الأقل، يرتدي كامل عتاده العازلة من بَزّاة مانعة للتسرّب وواقي للوجه وكمامة وقفازات وجزمة طبية يقوم بنقل المريض من البراد، عبر أكياس جثث محكمة الإطباق عازلة للتسرّب، إلى آليات مخصّصة جهزتها الهيئة الصحية مسبقاً. بعد وضع المتوفى في الآلية يقوم الفريق بنزع كامل ملابسه العازلة وارتداء غيرها، تجنّباً لنقل الفيروس (إن وجد على البدلة خلال عملية عزل المريض) إلى ايّ مكان آخر.
بعد النقل .. الغسل والتكفين
المهمّة التالية تكون في المغسل، إذ جهّز الدّفاع المدني مجموعة اماكن في مختلف المناطق اللبنانية، لتغسيل وتكفين الموتى بالفيروس. للمغسل شروط ومواصفات طبّية خاصّة، فمياه الغسل لا تختلط بباقي المياه ولها مصافٍ خاصّة إضافة إلى مواصفات لوجستية كتحديد مدخل خاص ومخرج خاص، وأجهزة "انترفون" داخلي للتواصل تجنّباً للإحتكاك المباشر بين الفرق الصحية وغيرها.
في المغسل فريق آخر متخصّص تمّ تدريبه وفق أعلى معايير السلامة والوقاية. قوام الفريق 3 أو 4 أفراد، كلّهم يرتدون 3 بدلات عازلة (فوق بعضها) ولكل بدلة لون ودور تهدف لعزل الفريق كلياً عن الجثّة. أوّل إجراء في الغسل نزع جميع الأدوات الطبية عن جسد المريض (تيوب- مصل- شريط لاصق) وتحفظ كنفايات طبية خطرة، ومن ثمّ غسله جيداً وتعقيمه. بعدها يتم غسل المتوفى وفق الضوابط الشرعية والفقهية لكل طائفة أو مذهب، فالمتوفى المسلم يغسل ويكفن وفق الأصول الإسلامية ووفق مذهبه، وكذلك إن كان مسيحياً فيكون الغسل والتابوت حسب الطقوس الكنسيّة المسيحية.
بعد الغسل ينزع الفريق كامل ثيابه وتوضع للتلف أو التعقيم. تأتي بعدها مهمّة فريق جديد قواه 3 أفراد أيضاً وهي التكفين. في نفس المغسل ينقل جسد المتوفى للتكفين بطريقة تمنع أي اختلاط بين الفريقين، على أن يتم التكفين أيضاً ضمن الشروط والضوابط الإسلامية (باختلاف المذاهب) أو المسيحية. وعندها تكون جثّة الفقيد جاهزة للدفن بعد وضعها في كيس محكم الإطباق مانع للتسرب.
من المغسل إلى مكان الدفن
في هذه الأثناء تكون سيارة تابعة للدفاع المدني خارج المغسل جاهزة للنقل وفيها فريق من 3 أو 4 عناصر. يمكن لنفس الآلية التي نقلت المتوفى إلى المغسل أن تتولّى مهمّة نقله لمكان الدّفن بشرط تعقيمها بالكامل بين المهمتين.
يؤخذ المتوفى بكيس الجثث المانع للتسرب إلى الجبّانة أو الخشخاشة، ويلاقي فريق النقل شيخ أو كاهن تختاره العائلة أو الدفاع المدني للصلاة على الميت. يلبس رجل الدين بدلة العزل وتتمّ مراسم الصلاة بمشاركة عناصر الدفاع المدني، وبعدها تتمّ إجراءات الدّفن وغالباً ما يُدفن الميت بعمق بين مترين وثلاثة أمتار (وفق معايير منظمة الصحة العالمية).
أرشفة ومواكبة ادارية لكل حالة
ويضيف مسؤول ملف المتوفين جراء فيروس كورونا صادق حمية لموقعنا، إنّ في كل عملية دفن يشارك ما يقارب 10 عناصر أقلّها، ويتمّ مواكبتهم خلال العملية تفادياً لأي خطأ أو عوائق. ويتابع كل حالة يتم توثيقها وملئ استمارات حفظاً للمعلومات، وقد جرى تأبين حتى تاريخه ما يزيد عن 115 حالة، بينها 92 متوفى من المذهب الشيعي، 21 من المذهب السني، وحالتين من المذهب المسيحي.
ويشير إلى أنّه يجري حالياً تدريب فرق من القرى كافة على تغسيل المتوفين بفيروس كورونا، تمهيداً لتوكيل كل بلدية إجراءات الدّفن في نطاقها، ما يخفّف عن فرق الدّفاع المدني وكخطّة إحتياطية في حال ارتفاع عدد الوفيات ولأي وباء جديد.
ويختم حمية حديثه بالتأكيد على جهوزية فرق الدّفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية على خدمة الجميع، علماً أنّها تتحمّل كافّة تكاليف النقل والغسل والتكفين والدفن تخفيفاً عن الأهل في مثل هذه الظروف الإقتصادية الصعبة ووقوفاً إلى جانبهم في مصابهم الجلل. داعياً الجميع إلى الإلتزام بكامل الإجراءات الوقائية تخفيفاً لأعداد الإصابات اليومي وبالتالي حالات الوفاة.