إيمان مصطفى
تبذُل دول العالم ومنها لبنان جهوداً كبيرةً من أجل احتواء فيروس كورونا بوسائل عدّة، وتقع الفحوص المخبرية في قلب هذه الجهود. هناك سببان رئيسيّان يدعوان أي شخص لإجراء فحص فيروس كوفيد19 (Pcr)، ظهور الأعراض عليه، ومخالطة أشخاص تبيّنت إصابتهم بالفيروس. إلّا أنّه لم يعُد يتمّ فحص المُخالط مؤخّراً خصوصاً مع وجود عوارض، وحتّى وصلنا إلى مرحلة لم يعد يتمّ الطلب من المصاب إجراء الفحص بعد انتهاء هذه العوارض أو فترة الحجر الصّحي. فما السّبب؟
بحسب مديرة مختبر الهادي الطبّي والأخصائية في الطبّ المخبري والجزيئي الدكتورة يمنى مراد فإنّ الشّخص المُخالط لمريض كورونا ويعاني من أعراض الفيروس لا يحتاج لإجراء الإختبار، إذ بكلّ الأحوال عليه أن يحجر نفسه، والعوارض دليل واضح على إصابته.
وتُتابع مراد في حديثها لموقع "كورونا نيوز" أنّه "في حال إصابة شخص بالفيروس نوصي جميع أفراد عائلته بالحجر لمدة 14 يوماً، وبذلك توفّر هذه العائلة الكلفة الماديّة الباهظة لفحوصات الـ"pcr"، موضّحةً أنّه في حال ظهور العوارض وإجراء الفحص وتسجيل نتيجة سلبية فهذا لا يعني أبداً خلو الجسم من الفيروس، إذ قد يكون المرض في بَدايته، وبالتّالي على المُخالط إعادة الفحص بعد 3 أيّام. ولتجنّب كل هذا، يتمّ التوصية بالحجر فقط.
مراد تُلفت إلى أنّ مرضى الفيروس التاجي لا يمكنهم إصابة الآخرين بعد 14 يوماً من المرض حتى لو كان اختبارهم لا يزال إيجابياً وفقاً لمنظّمة الصّحة العالميّة، فلذلك لا يتعيّن عليهم إعادة الفحص ويمكنهم العودة إلى العمل بشكل طبيعي، مشيرةً إلى أنّنا في لبنان لدينا بعض النّقص في هذه المعلومات، فيرفض ربّ العمل استقبال المُصاب باعتباره مصدراً لعدوى كورونا ويطلب منه تقديم نتيجتين سلبيتين متتالتين كما كانت قد أعلنت منظّمة الصّحة مسبقاً أوّل انتشار الفيروس، حيث إن خروج مريض كورونا كان يتطلّب أن تأتي نتيجة فحص الـ "pcr" سلبية مرّتين قبل أن يسمح له بمغادرة الحجر المنزلي.
وتقول مراد: "لكن اليوم تغيّرت توصيات منظّمة الصّحة العالمية وأظهرت بالأدلّة العلميّة أنّه بعد 10 أيّام من المسحة الإيجابية الأولى لا يصبح غالبية مرضى "كوفيد-19" ناقلين للعدوى"، وعليه قامت المنظّمة بتحديث إرشاداتها المتعلّقة بالفترة الزمنيّة التي بعدها لا يصبح مريض فيروس كورونا المستجد قادراً على نقل العدوى لغيره، ممّا يحمل خبراً مطَمئِناً أنّ المصابين لا يستمرّون في نقل العدوى بالفيروس المسبب لمرض "كوفيد-19" حتّى لو النتيجة إيجابية، فيكفي أن يتخلّص المُصاب من العوارض خلال الـ 10 أيّام الأولى، و3 أيّام إحتياطيّة، وبعدها لا ينقل العدوى لمن حولَه ولا داعي لإجراء فحص الـ "pcr".
وآسفت أنّه "حتى الآن في لبنان نواجه مشكلة أنّ إجراءات التّسريح تتطلّب من المرضى انتظار أن تأتي نتيجة مسحتين سلبيتين، وقد تستغرق نتيجة الفحص السلبية أسابيع عدّة لتظهر لدى بعض الأشخاص لأن الجسم لا يزال يحتوي على آثار للفيروس الميّت الذي لا ينقل العدوى". وتدعو الأخصائيّة في الطبّ المخبري والجزيئي المجتمع إلى مزيد من الثّقافة والوعي بهذا الخصوص لتفادي الكلفة الباهظة للفحوصات وتوفير الجهد والوقت للمختبرات والإستفادة من عودة اليد العاملة إلى أشغالها في أسرع وقت.
أنواع فحوصات كورونا
في سياق متّصل، تكشف مراد أنّه يوجد أكثر من 300 فحص للكشف عن فيروس كورونا المستجد لكن يمكن تقسيمها جميعها إلى 3 أنواع، فما هي؟
(pcr)
يتمّ هذا الإختبار بأخذ عيّنة من داخل تجويف الأنف، ترسل إلى المختبر لمعرفة ما إذا كانت خلايا المرضى مصابة بالفيروس أم لا. وإنّه من أكثر الفحوصات المستخدمة حالياً، وعبر عمليّة كيميائية يتمّ رصد ما إذا كان جينوم الفيروس موجوداً في العيّنة المأخوذة أم لا، وفي حال اكتشافه يعني ذلك أنّ الشّخص مصاب بفيروس كورونا المستجدّ.
(rapid-Tests)
يمكن تشبيه هذا الفحص بفحص الحمل الذي يمكن شراؤه من الصيدلية، وفي هذا الفحص تتمّ الإستعانة بعيّنة من الأنف أيضاً، ومن إيجابياته أنّه الأسرع على الإطلاق لأنّه يقدّم نتيجة في 15 دقيقة وبإمكان أي مستوصف أو صيدلة القيام به إذ لا يحتاج متطلّبات فحص الـ "pcr". ولم يكن هذا الفحص دقيقاً بَدايةً إلّا أنّه تمّ تطويره وتحسينه من قبل الشركات وقد يتمّ اعتماده قريباً في لبنان.
(blood test)
هذا الفحص يسمّى أيضاً اختبار الطرق المناعيّة الإنزيمية، ويقوم بالكشف عن وجود أجسام مضادّة ضدّ الفيروس في مصل الدْم، ويتمّ أخذ عيّنات من الدّم، وبطريقة علميّة معقّدة يتمّ احتساب كميّة الأجسام المضادّة، ثمّ مستوى المناعة المكتسبة ضد الأمراض الفيروسية، بما في ذلك فيروس كورونا المستجد.
وهذا الفحص مهم جداً للمرحلة المقبلة في لبنان، لمعرفة مدى المناعة التي اكتسبت في المجتمع بعد كلّ هذه الإصابات.