إيمان مصطفى
قبل عدّة أسابيع كان العُلماء والخبراء في لبنان يحذّرون كبار السّن على وجهِ الخصوص من الإصابة بفيروس كورونا المستَجد، ويؤكّدون أنّ إصابة الشّباب والأطفال ستمرّ بكثيرٍ من الحالات بأعراضٍ طفيفةٍ، الّا أنّ هذه النّظرة تغيّرت حالياً بسبب زيادة المعرِفة لطبيعةِ الفيروس والواقع الوبائي السائد في لبنان، حيث تُوفّيَ عدد من الشّباب وصغار السّن.
بحسب بيانات وزارة الصّحة، من بين 386 حالة وفاة في لبنان، توفّي طفلٌ واحدٌ دون الـ 10 سنوات، وسُجّلت حالة وفاة واحدة أيضاً بين عمر الـ 10 و19 عاماً، بالإضافة إلى 4 شباب عمرهم ما بين الـ 20 الى 29 عاماً، في حين توفّي 9 أشخاص تترواح أعمارهم بين الـ 30 و39، وتمّ تسجيل 23 حالة وفاة لمن هم بين الـ 40 و49، و46 حالة وفاة لمن تتراوح أعمارهم بين الـ 50 و59، في حين أنّ عدد الوفيات لمن تجاوزت أعمارهم الـ 60 عاماً كان 302.
الإختصاصية بالأمراض الجرثومية الدكتورة ندى شمس الدين تؤكّد أنّ الوفاة بسبب كورونا لا تعتمد على العمر بشكلٍ خاص، إذ يوجد متغيّرات كثيرة تلعب دوراً بهذا الخصوص. وتشير في حديثها لموقع "كورونا نيوز" إلى أنّ الوفاة تتعلّق بقوّة الإلتهاب الفيروسي الذي يُصيب الرئتين.
وتوضّح شمس الدين أنّ "الإلتهاب الفيروسي يشكّل سبباً لهبوط نسبة الأوكسجين عند المريض، مما يضطر بعض الشباب المصابين بكوفيد- 19 إلى دخول المستشفيات للعلاج، وقد تتطوّر عندهم الأعراض بشكلٍ مفاجئ من طفيفة إلى خطيرة وتتطلّب توصليهم بأجهزة التنفّس الإصطناعي، فيُعاني هؤلاء من مشاكل في التنفّس تؤدّي للوفاة حتّى بعد وصلهم للجهاز".
وتُتابع: "يوجد عوامل مُساعدة لتطوّر حالة المريض، ومنها ما يتعلّق بالعمر ككبار السّن إذ أنّ أنسجة الرئتين أقلّ مرونةً والحجابُ الحاجز يكون أضعف عندهم ومناعتهم أضعف وهذا قد يفسّر ولو جزئياً ارتفاع نسبة الوفيات بينهم، ولكن قد تكون مرتبطة أيضاً بقوّة الفيروس وتفاعلهُ مع جهاز المناعة بالجسم، فقد تبيّن أنّه عند بعض الشّباب يُمكن أن يتسبّب ردّ الفعل المفرط لجهاز المناعة في تحفيز حدوث التهابات شديدة والتي بدورها تؤدّي إلى توقّف عمل الرئتين والأعضاء الأخرى ممّا يؤدي إلى الوفاة".
وتضيف أنّ العامل الآخر هو أنّ بعض الشباب لديهم أمراض مزمنة كعيوب في القلب والرئة أو السرطان وهم أكثر عرضة للوفاة من غيرهم إذا أُصيبوا بكورونا.
في الخُلاصة، فإنّه لا يجوز للشّباب التقليل من شأن الحجر الصّحي، و لا يُمكن للفرد، سواء كان صغيراً أو طاعناً بالعمر أن يتنبأ برد فعل جسمه تجاه العدوى، لذا من الضروري اتباع الإجراءات الإحترازية للوقاية من شرّ هذا الفيروس القاتل، إذ أنّه لا أحد على الإطلاق محصّن من التعرّض للأعراض الخطيرة والصّعبة لا بل والوفاة نيتجة إصابته بالفيروس.