إيهاب شوقي / كاتب وصحافي مصري
هل يشكّل كورونا كلمة الفصل في الإنتخابات الأمريكية، لتتعاظم تأثيرات كورونا وتتخطّى ما شكّلته بذاتها من تغيّرات وأزمات، لتُصبح بُعداً حيويّاً مؤثراً في نتيجة انتخابات أمريكية يترقّبها العالم بشكلٍ يختلف عن العقود السابقة، بعد الخلَل وعدم الإستقرار الذي تسبّب به الرّئيس الحالي دونالد ترامب؟ هناك بالطبع جدال حول صناعة القرار الأمريكي، ومدى تأثير وحجم أي رئيس أمريكي في صناعة القرار، وتحديداً في السّياسة الخارجيّة، حيث تتوزّع مراكز القوى في صناعة القرار على اللّوبيات الخاصّة بالسّلاح والتّعدين والبترول ووادي السليكون، وكذلك اللّوبي اليهودي "ايباك"، و لوبي المال والأعمال "وول ستريت". إلّا انّ شخص الرّئيس وتوجّهه ومدى قُربه من لوبيات بعينها، وكذلك الوزن النسبي للّوبيات وفقاً للمراحل المختلفة، قد يغيّر من شكل القرار الأمريكي.
والثّابت أنّ أمريكا في أزمة وفي مرحلة تراجع إمبراطوري، والثّابت أيضاً، أنّ ترامب عمّق من الأزمة، ليس في أمريكا وحدها، بل في العالم كلْه بسياساته التّصادميّة وقراراته الخرقاء. إلّا أنّ أزمة كورونا كانت أسوأ إختبار لهذا الرئيس، حيث عكست التراجع الحضاري لأمريكا، ووضعتها في مصاف النّمور الورقيّة، بعد إنكشاف عجز القطاع الصّحي ومظلّة التّأمين الدّاخلي، وكذلك العجز العلمي، والأنكى هو العجز الحضاري والسّلوكي، والذي بدأ فيه أنّ رأس الدولة نفسه غير مُكترث بالإجراءات الإحترازية ومستخفّ بها لدرجة إصابته بالمرض بسبب الإهمال والإستهتار!
وهذه النقطة شكّلت قضيّة إنتخابيّة، استغلّها خصم ترامب في الإنتخابات، وفي مواجهة تلفزيونيّة غريبة ومتزامنة عرض كل من ترامب وبايدن على شبكتي تلفزيون منفصلتين أسلوبيهما المختلفين وخلافاتهما حول إدارة أزمة كورونا.
وقد انتقد المرشّح الديمقراطي بايدن تعامل الرئيس ترامب مع جائحة فيروس كورونا، وقال لشبكة "ايه بي سي" كما نقلت وسائل الإعلام: "نحن في وضع لدينا فيه أكثر من 210 ألف حالة وفاة، وماذا يفعل؟ في إشارة إلى ترامب. وأجاب "لا شيء"، مقدّماً نفسه على أنّه موحْد أمريكا المنقسمة.
وأضاف بايدن: "لقد قال ترامب إنّه لم يُبلّغ أحداً لأنه كان يخشى أن يصاب الأمريكيون بالذعر..."الأمريكيون لا يصيبهم الذعر. هو من أصيب بالذعر". بينما قال ترامب لشبكة "ان بي سي" الأمريكية "قمنا بعمل رائع ... اللٍقاحات قادمة والعلاج قادم". ودافع ترامب عن طريقة معالجته للجائحة وكذلك عن سلوكه الشخصي، بما في ذلك تنظيم حدث في البيت الأبيض لم يضع الغالبيّة فيه الكمّامات أو يلتزموا بالتّباعد الإجتماعي، وهو ما أسفر عن إصابة العديد من الحاضرين بالمرض.
وفي المُناظرة التليفزيونيّة الأولى، إتهم بايدن، نظيره ترامب بأنّه تسبّب بوفاة الآلاف، وذلك لعدم الإهتمام ببرنامج أوباما كير وارتداء الكمّامات وأنّه لم يذكر شيء من قبل عن اللّقاحات ولم يستمع إلى رأي العلم، وطلب من الناس أن يحقنوا أنفسهم بالمطهرات. بدوره ردّ ترامب قائلاً: "لقد أغلقنا الإقتصاد وأنتجنا الآلاف من أجهزة التنفّس الصناعي وقريباً جداً سنحصل على لقاح لفيروس كورونا".
ومن هذا التّراشق، بدا أنّ موضوع كورونا أصبح على رأس القضايا الدّاخلية المؤثّرة في الإنتخابات، وبدا أيضاً الوصول للقاح وعلاجات بشكل فوري وسريع، بمثابة طوق النّجاة لترامب من تصويت ربما يكون عقابي على خلفيّة تعاطيه مع الجائحة.
وهنا يبدو أنّ الأمور لا تسير على ما يُرام بالنّسبة لترامب، حيث قالت شركة "فايزر" يوم الجمعة في 16 اكتوبر/ تشرين الأوّل، إنّها قد تقدّم طلباً للحصول على ترخيص أمريكي للقاح كورونا الذي تطوره مع شريكتها الألمانيّة "بيونتك" في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني.
وبهذا الحدّ الزّمني يُصبح من غير المرجّح توافر لقاح قبل إجراء الإنتخابات الأمريكية، وهو ما كان قد وعد به الرّئيس دونالد ترامب. فهل يُطيح فيروس كورونا بفُرص ترامب؟ وبالتّالي يُصيبه مرّتان؟ مرّة بالعدوى وأخرى بالإطاحة به من الرّئاسة؟