إيهاب شوقي
من مُجمَل التّقارير الدّولية يُمكنُنا رَصْد المَوجَة الثّانية من كورونا، والتي باتَ هُناك اتّفاق بأنّنا نُعاصِرها، ونَرصد بعض التّمايُزات بينَها وبينَ المَوجة الأولى.
وفي هذا المَقال يُمكن تَلخيص مُجمل المَعلومات الوَاردة بالتّقارير المُختَلفة للإلمام بصورة عامّة بهذه المَوجة وملامِحها وأسبابها، وما يُمكن أن تُسفر عنهُ من تَداعيّات.
وهُنا يُمكنُنا استعراض هذه المَعلومات في أسئلةٍ رئيسيّة وإجاباتِها كما يلي:
1- لماذا نَقول إنّ هناك موجةً ثانيةً؟
الجّواب: تزايَدت الأعداد بشكلٍ مَلحوظ، بحيث أعادت دولتَان من أكبر اقتِصادات أوروبا الإغلاق الوَطني بدرجةٍ ما، بسبب الإرتفاع في حالات الإصابة والوفيّات، وفي فرنسا، لن يُسمح للأشخاص بمُغادرة منَازِلهم، إلا للعمل الأساسي أو لأسباب طبيّة.
وقال الرّئيس إيمانويل ماكرون إنّ البِلاد معرّضة لخطر أن "تغمرها موجة ثانية، ستكون بلا شكّ أصعب من الأولى".
كما تفرِض ألمانيا إغلاقاً وطنياً "ناعماً"، أو أقلّ قيوداً، وقالت المُستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل إنّ الإجراءات التي ستَدخُل حيّز التّنفيذ، أقلّ شدّة ممّا هي عليه في فرنسا، لكنّها ستشمل إغلاق المَطاعم، والحَانات، وصالات الألعاب الرياضيّة، والمسارِح.
وتقول الأرقام إنّ الإصابات تتزايد بشكلٍ حاد في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك بريطانيا التي أعلنت الأربعاء 28 اكتوبر عن 310 حالة وفاة، و 24701 حالة إصابة جديدة.
كما أظهرت دِراسة جديدة في إنجلترا أنّ ما يقرب من 100 ألف شخص يُصابون بالفَيروس كلّ يوم، ما يَضغط على الحكومة لتَغيير السّياسة من مُنطلق إقليمي.
2- ما هي أبرز التّداعيّات الإقتصاديّة المحتملَة؟
الجَواب: في رصد لبوادِر التّداعيّات، أدّت الأنباء عن القُيود الجديدة، التي سيتمّ تَطبيقها في أكبر اقتِصادات الإتّحاد الأوروبي، إلى انخِفاضات حادّة في الأسواق الماليّة.
وقالت رئيسة المفوّضيّة الأوروبيّة أورسولا فون دير لاين: "نحن في عمقِ المَوجة الثّانية. أعتقد أنّ عيد الميلاد هذا العام سيكون عيد ميلاد مُختلف".
3- ما هي أسباب المَوجة الثّانية؟
الجواب: تَقول التّقارير إنّ الفَيروس يتّخذ شكل موجَات على غِرار "تسونامي" حيثُ تنحسِر موجَة منهُ بفعل تشكّل منَاعة أو مُحاصرة للتّفشي، ثمّ يُعيد الكرّة عبر موجة أخرى.
وكانت إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا من بين الدّول الأكثر تضرّراً في المَوجة الأولى، حيث فرَضت جميعها عمليّات إغلاق وطنيّة صارِمة، أدّت بمرور الوقت إلى انخِفاض حالات الإصابة وحالات دخول المُستشفيات والوفيّات إلى مستَوى مُنخفض للغايَة، ولكنّها تركَت الإقتِصادات مدمّرة.
وعندما بَدأ رَفع القُيود في أوائِل الصّيف، ومع إعادة فَتح المَتاجِر والحَانات والمَطاعم غير الضروريّة، واستئناف السّفر في أغسطس/ آب، بدَأت الحالات في الإرتفاع مرّة أُخرى أيضاً، مع تسارُع كبير في الأسابيع الأخيرة الأمر الذي أثارَ قلَق صانعي السّياسة.
وتُضيف التّقارير أنّ هُناك عدد من الإحتمالات، كأن تُحدِث طفرةً جينيّةً في الفيروس، بحيث يصعب على أجهزة المَناعة البشريّة أن تتعرّف عليه، ففي خريف عام 1918، حَدثت الموجَة الثّانية من الإنفلونزا الإسبانية، وتسببت بمعظم الوفيات وكانت بالملايين. ويعتَقِد بعض الباحِثين أنّ المَوجَة الثّانية كانت ناتِجة عن طفرةٍ جَعلت الفَيروس غير معروفَة أبداً بالنّسبة لمَناعة البَشر.
4- ما هي أسباب تَراجع أعداد الوفيّات في المَوجة الثّانية؟
الجواب: طِبقًا لشبكة "سي إن إن"، فإنّ أوضَح سبب وراء تراجُع معدّلات الوفيّات هو العُمر؛ حيثُ إنّ المَوجة الأولى طَالت كِبار السّن في أوروبا بشكلٍ خاصّ، لتنتَشِر في المُستشفيات ودور الرّعاية، لكن تغيّر ذلك خِلال الصّيف، مع انتشار الفيروس بشكلٍ أوسع بين الشّباب الذين يذهبون إلى المَطاعم والمَلاهي وغيرها من المنَاطق العامّة.
ويؤكّد ذلك ايضاً المَركز الأوروبي لمُكافَحة الأمرَاض والوقايَة منها، حيث يَرصد تَراجُع متوسّط عمر المُصابين بالعَدوى في أوروبا من 54 عامًا في الفترة من يناير إلى مايو، إلى 39 عامًا في يونيُو ويوليُو.