محمد كسرواني
عامٌ مرّ على بَداية انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) في العالم، رافَقه تبدُّل في الكثير من المَفاهيم الصحيّة. أبرزها الوقاية، فبَعدما كانت القاعدة السّائدة كل شيء "مكوّرن" ويجب تعقيمه، أكّدت التّقارير العلميّة ضرورة عدم الإفراط بالتّعقيم، والإكتفاء بلبس الكمامة والتّباعد وغسل اليدين قبل مُلامسة الوجه أو الأكل. فما هي أبرز المتغيّرات التي رافقت الوباء بعد عامٍ من الإنتشار؟ وما هي المُعطيات العلميّة والطبيّة التي تغيّرت مع تراكُم الدّراسات والبُحوث حول الفَيروس المُستجد؟
العدوى من شهر لـ 13 يوماً ..
مديرة مُختبر الهادي الطبّي والأخِصّائيّة في الطبّ المَخبري والجزَيئي الدكتورة يُمنى مراد توضح لمَوقع "كورونا نيوز" أبرز المُتغيّرات. تقول إنّ أهم المسائل التي تغيّرت عدوى المُصاب لغَيره، فبعدما كان الشّفاء (عدم انتقال العدوى) يشترط فحصين PCR بنتائج سلبيّة يَفصل بينهما مدّة تتراوح بين 24 و48 ساعة، بات اليوم وبحسب منظّمة الصّحة العالميّة بتقرير نشر بتاريخ 27 أيّار 2020 يؤكّد أنّ المُصاب يَحجب العدوى عن غيره بعد 10 من الإصابة و3 أيّام إضافيّة احتياطاً (13 يوم إجمالاً) حتّى لو كان فحصه الـ PCR إيجابي. ساهم التبدٍل الجديد بمدّة انتقال العدوى بتخفيف الحجر من شهر تقريباً إلى 13 يوماً وسمح للموظّفين المُصابين بالعَودة إلى أعمالهم وعائلاتِهم.
انتقال الفيروس بالهواء ..
من المفاهيم التي تغيّرت أيضاً بحسب الدّكتورة مراد الوقاية. فمع بَداية انتشار الوباء وخاصّةً في لبنان والعالم العربي، ساد مفهوم الإفراط في التّعقيم، والسبّب عدم معرفة طريقة انتقال الفيروس. فقد احتدَم الخِلاف بَدايةً إذا كان الفيروس يسرح بالهواء ويحتاج إلى كمّامة مخصّصة من نوع N-95، أو ينتقل لمَسافة وتكفي الكمّامة الطبيّة. مع تقدّم الدّراسات والبحوث ثبت أنّ انتقال الفيروس في الهواء محدود ويكفي التّباعد، أمّا في الأماكن المُغلقة فالكمّامة الطبيّة كافية ولاحقاً أضيف إليها الكمّامة القُماشيّة، ما خفّف تكاليف الوقاية لجهة سعر الكمّامة.
الإفراط بالتّعقيم ..
شكّل الإفراط بالتّعقيم أزمةً عند أغلب العائلات. فبعدما اعتاد الجميع على تعقيم كل ما يُشترى من الخارج وأحياناً لعدّة مرّات وإبقاء بعض المُمتلكات خارج حرَم المنزل لساعات، تغيّر المَفهوم لتَعقيم ما يُمكن تَعقيمه وبالماء والصّابون في أغلب الأحيان.
زيادة الدّراسات وتغيّر عادة السّلام باليد!
مع زيادة الدّراسات العالميّة حول الفيروس المُستجد، ومعرفة تفاصيل أكثر عن سُبل انتقالِه وعوارِضه وآلية الشّفاء منه، تطوّر فهم الفيروس كثيراً عند الطّواقم الطبيّة وعامّة النّاس. فمع بَداية انتشار الوباء عالمياً عدد قليل من الأخصّائيين كانوا قادرين على فهم حركة وعمل الفيروس. اليوم بات الجميع يعرف بالحدّ الأدنى المعلومات المهمّة لجهة الوقاية، وبات مَنظر الكمّامة مألوفاً بعدما كان مُستهجناً. حتّى السّلام باليد والعِناق والتّقبيل توقّف، وبات الأمر محصوراً بالسلام عن بُعد.
الدّواء السّحري ..
ساهم معرفة الفيروس أكثر بتوقّف النّاس عن التّهافت لشراء أيّ دواء أو عُشبة يُشاع أن فيها الشّفاء. فأثبتَت الدّراسات أنّ الشّفاء يكون بمُعالجة العوارض وبما يُناسبها، ولا يَنحصر الأمر على دواء المَلاريا وعشبة اليَنسون أو الثّوم على الريق. فمع بَداية انتشار الوباء قام العَديد من المُخادعين ببيع أدوية أشاعوا أنّها سحريّة تشفي من الفيروس وتقوّي المَناعة لتَمنع الجسم من الإصابَة، اليوم تبدّل المَشهد فما عاد الشّفاء مُمكناً بالأساطير أو الأعشاب السحريّة.
الضجّة الإعلاميّة!
مع بَداية انتشار الوباء في الصّين ولاحقاً في كلّ دوَل العالم تِباعاً وبطريقة هستيريّة سريعة، تهافَت الإعلام على نقل أخبار كورونا لحظة بلحظة. اليوم ومع ارتفاع أعداد الإصابات واختناق المُستشفيات بالمَزيد من الحالات الحرِجة، انخفض معدّل ساعات البثّ المخصّصة لكورونا وبات الأمر أشبه بالطّبيعي. فالعالم إمّا ملّ من مُتابعة أخبار الوباء أو اكتفى بالإطّلاع العام على آخر التّطوّرات، علماً أنّ حدّة الفَيروس حالياً وتحديداً في لبنان باتت أشدّ ووضع المُستشفيات باتَ مُقلقاً بعدَما وصلت قُدرتها الإستعابيّة إلى الذرّوة.
متَى يَخرج كورونا من دائرة الإهتمام ..
دائماً يُطرح سؤال متى سننتهي من كورونا وتعود الحياة تدريجياً إلى طبيعتها. بحسب مديرة مختبر الهادي الطبّي والأخصائيّة في الطبّ المَخبري والجزَيئي الدّكتورة يمنى مراد الأمر غير معلوم حتّى السّاعة، فهو محصورٌ إمّا بمنَاعة طبيعيّة عند كل الأفراد أو إنتاج لُقاح فعّال لكلّ البَشريّة. وحتّى ذلك المَوعِد لن يكون كورونا (كوفيد-19) كغَيره من الأوبِئة كالسارس أو الإيدز او انفلونزا. ومن يومنا إلى حينها علينا بإتباع الإجراءات لسلامَتنا وسلامة عائِلاتنا .. وعلى رأسها التّباعد والكمّامة.