إيمان مصطفى
يُسابق العلماء الزّمن من أجل تطوير لُقاح ضدّ فيروس كورونا المُستجد. وقد يكون إيجاد لُقاح للوِقاية من كوفيد-19 أفضل أمل لإنهاء هذا الوباء. وفي لبنان، الآمال قائمة للحصول على اللّقاح في القريب العاجِل، فنحن على بُعد أسابيع من نِهاية العام. وهو مَوعد قد رسمَه العديد من الخُبراء كتاريخ مُحتمل لتطوير اللّقاح. فما هي طبيعة هذه المرحَلة، وكيف يُمكن تحديد ما إذا كان اللّقاح فعّالاً أم لا؟ هل سنعود إلى حياتنا الطبيعيّة قريباً؟
أسئِلة طرَحها موقع "كورونا نيوز" على الأستاذ والباحث في عِلم الفيروسات في الجامعة الأميركيّة في بيروت (AUB) الدّكتور حسن زراقط، ونائب رئيس لجنة عُلماء لبنان لمُكافحة كورونا (lscc) والمتخصّص في علوم الجزَيئيّات الذريّة والنانوتكنولوجيا الدكتور محمد حميّة؛ فكانت الإجابات كما يلي.
ما أهمية لُقاح كورونا؟
الدكتور زراقط يؤكّد أنّه كلّما زاد التّحصين في المُجتمع اللّبناني عبر اللّقاح سيُصبح لدينا مع الوقت مَناعة مجتمعيّة ستُساعد في التّخفيف من تأثير الفيروس على حياتِنا ومجتمعِنا. بينما يقول الدّكتور حميّة إنّ الفيروس ينتشر بسرعة، ولا يزال أغلب سكّان لبنان معرّضون للإصابة به. ويمكن للّقاح أن يوفّر بعض الوقاية، من خلال تدريب أجهزة مناعة البشر، لمُحاربة الفيروس إن التقطوا العَدوى.
متى سنَحصل على لُقاح كورونا؟
يَعتقد معظم الخُبراء أنّ اللّقاح قد يُصبح متوفّراً عام 2021، ولكن "الوضع غير مطمئِن"، بالنّسبة للدّكتور حمية، الذي يعتبر أنّ نِسبة الإصابات بكورونا بين السكّان في لبنان الآن 1.23 % وستزداد هذه النّسبة إلى 3 % العام القادم لأنّ اللّقاحات لن يكون لها الجدوى المنتظرة، ويُضيف: "التّفاؤل يجب أن يكون معتدلاً أمام التّحدي الكبير، فصحيح أنّه يجري حالياً اختبار اللّقاحات، والكثير منها في مرحلةٍ متقدمة، لكنّ نسبة نجاحها لا تتجاوز الـ 60 %، لذا علينا انتظار نسبة فشل 40%".
وفي حال سارت كل الدّراسات المتعلّقة باللّقاح على ما يرام وأظهرت نتائج جيّدة وواعدة، من المتوقّع أن يبدأ توزيع اللّقاحات مع بَداية العام، وفقاً للدّكتور زراقط، فبِحسب خطّة منظّمة الصحّة العالميّة، سيتمّ توزيع اللّقاح على 20 % من سكّان الدّول المُشاركة في مُبادرة "كوفاكس" بنهاية العام 2021 - ولبنان منها- لضَمان الإنصاف في الحصول على لُقاحات مرض كوفيد-19. ويُتابع: "إذا تمّت هذه الخُطط بنجاح، سنحقّق بنهاية الـ 2021 جزءًا من المناعة المجتمعيّة لتَعود الحياة تدريجياً إلى طبيعتها من بعدها".
متَى ستعود الحياة إلى طبيعتِها في لبنان؟
يقول دكتور زراقط: "لا أحد يستيطع التنبؤ متَى سنعود لحياتنا الطبيعيّة، فحتّى الآن، لا أحد يعرف مدَى فعاليّة هذه اللّقاحات"، فإدارة الغِذاء والدّواء الأميركيّة، كانت قد قالت إنّ اللّقاح يجب أن يقلّل العدوَى في المجموعة التي يتمّ تلقيحَها بنسبة 50 بالمئة على الأقل ليتمّ أخذه في الإعتبار، وبالتّالي إذا حقّقت هذه اللّقاحات نسبة 50 بالمئة حماية سنكون في ظروف مختلفة عمّا اذا وصلت هذه النّسبة إلى 70 بالمئة.
ويُضيف: "ولكن بحسب التوقّعات في عام 2022 ستتحسّن الأمور، ومن المفترض أنّنا سنعود عام 2023 إلى حياتنا الطبيعيّة"، ولكن الفيروس سيبقى معنا إلى الأبد، وما يجب معرفَته: "كيف سيكون تأثيره على صحّتنا ومجتمعِنا على المدَى الطّويل".
كلام الدّكتور زراقط لا يتعارَض مع الدّكتور حميّة الذي يشدّد على أنّه حتّى عندما تكون اللّقاحات بحوزتِنا، سوف يستغرق وصولها إلى جميع السكّان وقتاً. وخلال هذه الفترة، سيستمر الفيروس في الإنتشار بوتيرة عالية.
وفيما يتعلّق بالمدّة التي سنعود فيها إلى الحياة الطبيعيّة، يُجيب حميّة: "هذه الفترة لا يمكن أن تُحتسب بالأسابيع أو الأشهر، بل يَعتمد الأمر على اللّقاح، أي ما إذا كان فعّالاً أم لا، وكم من الوَقت سيَستغرق". ويرجّح أيضاً أنّنا لن نعود للحياة الطبيعيّة قبل سنتين أو ثلاثة، والحلّ هو بالتّأقلُم مع الفيروس ومع إجراءات الوقاية. فالباب الذي فتَحه كورونا لن يُغلق بسهولة بل تدريجياً، ومعظَم الشّعب اللّبناني سيُصاب بكورونا، ولو شُفي تلقائياً منه، لأن اللّبنانيين يستقبلون فقط 7% من هذا الفيروس ويشفون بسرعة منه.
ما المَطلوب في هذه المرحلة؟
في الخُلاصة، يؤكّد الدّكتور حسن زراقط، أنّه من السّابق لأوانه أن نقول إنّنا سنتنهي من الفيروس كجائِحة في العام 2021، وقد لا نتخلّص من فيروس كورونا تقنياً وعلمياً أبداً، بل سيتسمر ولكن طبعاً ليس بهذا التأثير.
ويدعو الدكتور محمد حمية من جهتِه بالاستمرار بإجراءات الوقاية بانتظار ما ستظهره نتائج اللقاحات، "اذ أنها ستكون مجرّد عامل مثبت لأرقام الإصابات نسبياً" هذا العام، ويشدّد على كلمة نسبياً، لأنّ أرقام الإصابات ستظلّ مرتفعة والإنتشار سيكون أوسع.
وبالتّالي علينا الإستمرار بإجراءات الوقاية من كمّامة وتَباعد إجتماعي، لأنّها السّبيل الوحيد للنّجاة في الأشهُر القادِمة.