ايهاب شوقي _ كاتب وصحفي مصري
تتواتر التقارير الدولية المرعبة عن الأزمة الاقتصادية العالمية وتطوراتها المتوقعة، وفي حين حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، من أن أزمة فيروس كورونا ستحول النمو الاقتصادي العالمي إلى "سلبي بشكل حاد"، خلال العام الجاري، وان العالم يواجه أسوأ أزمة اقتصادية، منذ الكساد الكبير، الذي وقع في ثلاثينيات القرن الماضي، فإن دراسة للأمم المتحدة كانت اكثر رعبا، لانها على تماس مباشر بالأفراد، حيث قالت أن 81 في المئة من القوى العاملة في العالم، التي تقدّر بنحو 3.3 مليارات شخص، قد أُغلقت أماكن عملهم، بشكل كامل أو جزئي، بسبب تفشي المرض.
وتوقعت الدراسات، ان للتداعيات الاقتصادية التي سببها فيروس كورونا يمكن أن تزيد مستويات الفقر في العالم لتزيد عدد الفقراء بنصف مليار.
وقد جاء هذا التحذير القاتم من دراسة أعدتها الأمم المتحدة بشأن التكلفة المالية والبشرية للوباء، وقالت انه وبحلول الوقت الذي سيُوضع فيه حد للوباء، فإن نصف سكان العالم البالغين 7.8 مليارات يمكن أن يعيشوا في فقر. ونحو 40% من الفقراء الجدد يمكن أن يتركزوا في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، على أن يتركز الثلث تقريبا في منطقة الصحراء الكبرى بأفريقيا وجنوب آسيا.
الامر هنا لا يقتصر على الدول النامية والفقيرة، فالاحصاءات الخارجة من الولايات المتحدة، ربما تكون غير مسبوقة، فبحلول نهاية مارس، ارتفعت معدلات البطالة إلى ما يقرب من 13 بالمائة. وهو أعلى رقم تم تسجيله منذ الحرب العالمية الثانية، وبعد ايام، ارتفع عدد الذين يقدمون طلبات الإيداع الأولية للتأمين ضد البطالة أولاً إلى 3.3 مليون، ثم 6.6 مليون، والآن بمقدار 6.6 مليون آخرين.
ويقول المحللون انه، و بالمعدل الحالي، كما أشار الاقتصادي جوستين ولفرز في صحيفة نيويورك تايمز، ترتفع البطالة في الولايات المتحدة بنحو 0.5 في المائة في اليوم. لم يعد من المستحيل أن يصل معدل البطالة الإجمالي إلى 30٪ بحلول الصيف.
وعلى الجانب الاوربي، انهيار النشاط الاقتصادي لا يمكن إخفاءه، وكما يقول الخبراء، فإن شمال إيطاليا ليس مجرد وجهة سياحية فاخرة، لكنه يمثل 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإيطالي، مضيفين انه من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بأكثر من مثيله في الولايات المتحدة ، متأثرًا باعتمادها على الصادرات.
وفي اسيا، يقول الخبراء ان اليابان قد تكون هي الأكثر تضررا، على الرغم من أن الفيروس كان له تأثير معتدل هناك.
وفي الصين، تبين أحدث الأرقام الرسمية أن البطالة في الصين تبلغ 6.2 في المائة، وهو أعلى رقم منذ أن بدأت السجلات في التسعينات.
كما ان الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الهندي من الإغلاق المفاجئ لرئيس الوزراء ناريندرا مودي لمدة 21 يومًا ستكون بالغة على القوى العاملة البالغ عددها 471 مليونًا، حيث لا يغطي الضمان الاجتماعي سوى 19 في المائة، والثلثان ليس لديهم عقد عمل رسمي، وهناك ما لا يقل عن 100 مليون عامل مهاجر تمت اعادتهم إلى قراهم.
هذا الرعب الاقتصادي غير المسبوق، ربما هو استحقاق لنظام اقتصادي عالمي قائم على النهب الاستعماري، والسياسات الاحتكارية وتركيز رؤوس الاموال في شركات العولمة المتعددة الجنسيات.
كما هو استحقاق للدول التي اعتمدت على القروض ولم تتبع خيار المقاومة الشامل في طياته الاقتصاد المقاوم ومفردات العدالة الاجتماعية وتعبئة المجتمعات لتحمل الاعباء وتوزيع المكاسب.
قد يتحول التهديد لفرصة اذا ما أحسنت الدراسة واستفيد من العبرة.