منذُ سنَوات طَويلة، جمعَ حبّ البَحث العُلمي بين الطّبيبين أوغور شاهين وأوزليم توريتشي، والآن، أصبَحا يُشكّلان أمَلاً للجَميع، فهُما الزّوجان اللّذان يقِفان ورَاء اللّقاح المُنتظر لفَيروس كورونا، والذي يُمكن أن يُغيّر العَالم. فمُنذ يوم الإثنين الماضي، وبعد إعلان شَركة "بيونتك" و "فايزر" تَطويرهما لُقاحا ضدّ فيروس كورونا، وصَلت نُسبة فعّاليّته إلى 90%، قفَزت النّتائج المُذهلة للشّركتين إلى مُقدّمة السّباق لإيجاد علاج لهذا الوباء. وقد بَرزت قصّة مُدير بيونتك أوغور شاهين وزَوجته أوزليم توريتشي، الزّوجين الشّريكين في تأسيس شرِكة "بيونتك" المُثيرة، فمَن هُما؟
تنحدِر أصول أوغور شاهين (55 عاما) من تُركيا، وقد أصرّ منذُ صِغَره على تَحقيق حِلم طفولتِه في دِراسة الطّب ليُصبح طبيباً، وعمل في المُستشفيات التعليميّة في كولونيا، ومَدينة هامبورغ الجَنوبية الغربيّة، حيثُ التقى بتوريتشي خِلال مسيرته الأكاديميّة المُبكرة، وأصبح البَحث الطّبي وعلم الأورام شغفا مشتركاً لهُما.
وقد أسّس الزّوجان البَاحثان عام 2001 شركة "غانيمد فارماكيوتيكالز" Ganymed، وهي شَركة لتَطوير أجسام مضادّة لمُكافحة السّرطان، لكن شاهين لم يتخلّى أبداً عن البَحث الأكاديمي والتّعليم. وقالت توريتشي، وهي ابنة طبيب تُركي هاجَر إلى ألمَانيا، في مُقابلة إعلاميّة إنّه حتّى في يوم زفافِهما، خصّص كِلاهُما وقتاً للعَمل في المُختَبر.
في 2008، كان شاهين وزوجَته وفريق من العُلماء منشغِلين في تأسيس "بيونتك"، لمُتابعة الأبحاث لإيجاد عِلاجات للجهاز المَناعي للسّرطان.
وقد باعَ كلّ من شاهين وتوريسي شركة Ganymed، وهي إحدَى الشّركات التي أسّساها سوياً، مُقابل 1.4 مليار دولار، عام 2016. وفي العام المَاضي، باعَت شركة "بيونتك" الأسهم للجُمهور. وفي الأشهُر الأخيرة، ارتفَعت قِيمتها السّوقيّة إلى ما يزيد عن 21 مليار دولار، ما يَجعل الزّوجين من بين الأغنى في ألمانيا. ويعيش الطّبيبان مع ابنتهما المُراهَقة، في شقّة مُتواضعة بالقرب من مكتبِهما، وهما يركَبان الدّراجات إلى العمل، لأنّهما لا يَمتلكان سيارة.
وقد حصَل شاهين على "جائزة مُصطفى" عام 2019، وهي جائزة إيرانيّة تُمنح كلّ سنتين للمُسلمين في العلوم والتّكنولوجيا.
من أصول مُتواضِعة باعتباره ابن مُهاجرٍ تُركي يعمل في مَصنع فورد في كولونيا، أصبَح الرّئيس التّنفيذي لشَركة بيونتك، أوغور شاهين (55 عاما) من بَين أغنى 100 ألماني، إلى جَانب زَوجته وزميلتِه عُضو مَجلس الإدارة أوزليم توريتشي (53 عاما) وِفقاً لمَا نَقلَت رويترز عن أسبوعيّة "فيلت أم سانتاغ" (Welt am Sonntag).
لقاح كورونا
أخذت قصّة بيونتك مُنعطَفاً عِندما صادف شاهين في يناير/كانون الثّاني ورقة علميّة عن تفشّي فيروس كورونا الجَديد في مدينة ووهان الصينيّة. ثمّ قامت شركة بيونتك بسرعة بتَعيين حوالي 500 موظّف للعمل على عدّة مركبات محتَملة، وفازَت بعملاق الأدوية "فايزر" وشَركة الأدوية الصّينية "فوسن" (Fosun) كشريكين في مارس/آذار.
وقال أستاذ عِلم الأورام بِجامِعة ماينز، ماتياس ثيوبالد، والذي عمِل مع شاهين لمُدّة 20 عاماً، إنّ "ميلَه نحو التّقليل من شأنِه يتناقَض مع طُموح لا هوادة فيه لتحويل الطّب، يتجلّى في قَفزة الإيمان إلى لُقاح كوفيد-19".
نجاح المُهاجرين
في ألمانيا، حيثُ لا تَزال الهِجرة تُمثّل قضيّة خِلافيّة، كان نجاح عالمين من أصل تركي، مَدعاةً للإحتفال. فقد كَتب مَوقع "فوكوس" للأعمال المُحافظ، "مع هذين الزّوجين، إنّ ألمانيا لديها مِثال ساطِع على الإندماج النّاجِح".
وفي الدنمارك، سلّطت صَحيفة "بيرلنغكسا"، الأضواء على توصّل الزّوجين العالمين، أوغور شاهين وأوزليم توريسي، في ألمانيا إلى لُقاح لفيروس كورونا. وافتتَحت بعنوان: "ابنا مهاجِرين أتراك يُمكن أن يُنقذا البَشريّة من مأزَقِها".