إيمان مصطفى - خاص كورونا نيوز
مضى على ظهور وباء كورونا لأوّل مرّة أكثر من سنة، عانى فيها أطفال لبنان كثيراً من تداعياته على مختلف الصّعد صحياً ونفسياً وحتّى اجتماعياً. وعلى غرار دول العالم التي سجلت أرقاماً لافتة بإصابات الأطفال بكورونا، سجل لبنان عدداً لا بأس به منها. وعندما حاول موقع "كورونا نيوز" التواصل مع وزارة الصحة للاطلاع على آخر الأرقام لم يجد جواباً. فما هي أعراض الإصابة بفيروس كورونا المُستجد لدى الأطفال؟ وكيف نتعامل مع إصابتهم؟
يُجيب طبيب الأطفال المتطوّع في قسم الكورونا في مستشفى بهمن الدّكتور محمد أحمد شيت، ويقول إنّه في بَداية ظهور الوباء، كان يُخشى أن يصاب الأطفال بالعدوى الشديدة على غرار الأمراض الفيروسية التّنفسية الأخرى مثل الإنفلونزا. ولكن أظهرت البيانات تفشي أعراض المرض الشديدة لدى البالغين على نحو أكبر بكثير مقارنة بالأطفال، الّا أنّ ذلك لا ينفي عدم إصابة الفئات العمرية الصغيرة بكوفيد-19، ولكنّهم يبدون مقاومةً أقوى للمرض. وفي حديثه لموقع "كورونا نيوز" يتابع د. شيت: "يُعدّ غياب الأعراض أمراً شائعاً لدى الأطفال المصابين بكوفيد-19، في حين تُعتبر الأعراض الأكثر شيوعاً لدى هذه الفئة العمرية هي: ارتفاع في درجة الحرارة (الحمى)، والسعال المستمر، بالإضافة إلى الإسهال".
ويُمكن للأعراض المتنوّعة والمُرتبطة بكورونا أن تجعل من الصّعب تمييز الفيروس عن الأمراض الأخرى التي تنتشر خلال فصل الشتاء، والتّداخل الكبير بين أعراض الفيروس ونزلات البرد، والإنفلونزا، والربو، والحساسية الموسمية، والتهاب الحلق، والشّاهوق، وهو أمر يدعو لتوخي الحذر. فإذا كان الطفل يعاني أياً من أعراض الأمراض التّنفسية، فيجب التّحقق ممّا إذا كان الطفل مُصاباً بفيروس كورونا أم لا عبر فحص الـ "pcr". وبالتّالي قد نضطر لانتظار النّتائج قبل البَدء بالعلاج.
ويضيف: في حال الشّاهوق، على سبيل المثال، سنحتاج لإعطاء الطفل المريض الكورتيزون والأدرينالين عبر "الكمامة البخاخة" والتي لا تُعطى في حال الشك بإصابة المريض بالكورونا، لأنّ الرّذاذ سيجتمع مع رذاذ السعال، وممكن أن ينشر الفيروس بالهواء، إلّا في حال وجود الطفل في غرفة (Negative pressure)، التي تُستخدم في المستشفيات والمراكز الطبية لمنع التّلوث المُتبادل من غرفة إلى أخرى. ونحن في لبنان نفتقر لهذه الغرفة غالباً. لذا في كثير من الحالات علينا أن ننتظر نتائج الـ "pcr"، وبالتّالي تأخير العلاج.
ويحذّر شيت من أنّ الأطفال "خزان موقوت"، لأنّ الأطفال يعانون عموماً من اعتلالات أقل وخامة ولا يظهر عليهم إلّا القليل من الأعراض، فإنّه قد يتعذّر ملاحظة الحالات في بعض الأحيان، وقد يؤدي اختلاطهم بغيرهم إلى عدد كبير من الإصابات.
طُرق الوقاية
وعن أفضل الطّرق لوقاية أطفالنا من الكورونا، يقول الدكتور شيت إنّه قد ثبت بما لا يدع مجالا للشّك أنّ العزل الإجتماعي والإبتعاد عن المصابين بكورونا هو أنجح طريقة للوقاية من المرض، وينبغي أن ينتهز الأهالي كل فرصة لتدريب أطفالهم على غسل اليدين واستعمال الصابون والمعقّمات وارتداء الكمامة.
ويشدّد على أنّه من المهم بشكلٍ خاص الحصول على لقاح الإنفلونزا هذا العام للأطفال فوق الـ 6 أشهر، آسفاً من أنّ هذا اللْقاح لن يتوفّر لهم جميعاً في لبنان بسبب التّجارة به من قبل بعض الجهات في ظلّ الأزمة المادية التي تعصف بالبلد.
العلاج
يشير شيت إلى أنّه لا يوجد علاج محدّد ومعروف لمرضى كورونا، ولكن معظم الأطفال الذين يصابون بالعدوى ولديهم أعراض خفيفة قادرون على التّعافي في المنزل، وعادة ما يكون التّحسن في غضون أسبوع أو أسبوعين.
ويوضح أنّه في الغالب لا يحتاج الطّفل المُصاب للعلاج بالمستشفى، حيث يتمّ العلاج فقط بالمنزل عبر إعطاء المُصاب خافض للحرارة والفيتامينات المقويّة خصوصاً فيتامين "د" الذي يُمكن أن يُساعد الجسم على البقاء قوياً لدَرء المرض والعدوى، وذلك أمر مهم لكبح الإصابة بشكلٍ أسرع.
وينصح هنا شيت بأن يُعطى فيتامين "د" للأطفال جميعاً وحتّى حديثي الولادة أيضاً، بمعدّل طبعاً يختلف بين الفئات العمرية.
ويلفت إلى أنّه إذا كان يُعاني الطفل من عوارض مثل ضيق النّفس أو الإلتهابات يتمّ العلاج عبر المضادات الحيوية و"الفنتولين"، ويشير إلى أنّه في بعض الحالات الإستثنائية والقليلة جداً في لبنان يُعاني الطفل من التهاب بأعضاء الجسم وما يُرافقها من تعطّل للكبد أو الكلى، وهذه الحالات تحتاج لدخول سريع للمستشفى.
كيفية العناية بالأطفال المُصابين بكورونا في المنزل
يؤكّد شيت أنّه من النّادر تسجيل إصابة ولد بدون أهله، لأنّه في أغلب الحالات عندما يُصاب الطّفل يكون قد سبّب العدوى لأهله إلى حين ظهور العوارض.
ولكن في حال عدم إصابة باقي أفراد الأسرة، وأثناء رعاية طفل مريض في المنزل، من المهم تقليل مخاطر انتقال العدوى إلى البالغين والأطفال الآخرين. وينصح شيت في هذه الحالة أن يتجنّب الأهل الإختلاط الوثيق مع الطفل المصاب قدر المستطاع، وإذا كانوا بحاجة إلى الإختلاط الوثيق معه، فعليهم ارتداء الكمامة خلال ذلك خصوصاً عند التّعامل مع الفئة العمرية التي تتراوح من أشهر إلى 10 سنوات.
كما يمكن القيام ببعض الخطوات للحماية، ومنها غسل اليدين بشكلٍ متكرّر باستخدام الصابون والماء أو معقّم اليدين الكحولي. وتنظيف وتعقيم الأسطح كثيرة اللّمس يوميًّا في المناطق المشتركة في المنزل، وتعقيم وتنظيف الحمام بعد استخدامِه من قبل المُصاب فَوراً.