إيمان مصطفى / خاص كورونا نيوز
لم يكَد العالم يتنفّس الصّعداء مع انطلاق التّطعيم بلُقاح كورونا بعد أشهُر مريرة خيّمَ عليها الوَباء، حتّى اكتُشفت سلالة جديدة متحوّرة من فيروس كورونا أشدّ عدوى وانتقالاً في بريطانيا ما لبثَت أن انتشرت في عدّة دول. ما استدعى استنفاراً صحياً في العالم ومنه لبنان حيث اجتمعت اللّجنة العلميّة في لبنان لبحث موضوع السّلالة الجديدة لفيروس كورونا، والإجراءات الإضافيّة الإحترازيّة الواجب اتّخاذها مع الوافدين من المملكة المتّحدة أو عبرها والذين يبلغ عدَدهم حوالي المئتي وافد يومياً. فما الذي نعرفه لحدّ الآن عن السلالة الجديدة لفيروس كورونا؟
يقول الأستاذ والباحث في عِلم الفيروسات في الجامعة الأميركيّة في بيروت (AUB) الدّكتور حسن زراقط لـ "موقع كورونا نيوز" في هذا السياق: "عندما يتكاثر الفيروس في الخلايا يحصل تغيّرات في الشيفرة الوراثية للفيروس، وهذه التّغيرات قد لا تستمر جميعها، فجزء منها قد يختفي بسبب اثرها السّلبي على الفيروس وجزء اخر قد لا يكون له اي اثر على الفيروس. لكن بعض هذه التغييرات قد تزيد من نشاطه بشكلٍ أكبر أحياناً أُخرى، أو تُعطيه قُدرة أكبر على الإماتة أو قدرة تفادي الجهاز المناعي". قد تحدث الطّفرة مثلا في البروتين الشّوكي الذي يسمح للفيروس بالإلتصاق على الخليّة واختراقها. فهذا البروتين الخارجي يُعتبر المفتاح الرّئيسي الذي يستخدمه الفيروس ليتعرّف على الخليّة ويدخل فيها، وبذلك هدف الجهاز المناعي الأوّل وبالتالي اللقاحات هو تعطيل هذا البروتين.
وهذا ما سبّب القلق للعُلماء، وفقاً لزراقط، فعلى الرّغم من استبعاد منظّمة الصّحة العالميّة أن يكون للسّلالة الجديدة من الفيروس أي تأثير على قُدرة اللّقاح، ولكنّنا بحاجة إلى مزيد من الدّراسة. وبحسب التّصريحات الأخيرة في بريطانيا، فإنّ السّلالة الجديدة ذات قُدرة متزايدة على التّفشي، والدّراسات جارية للكشف عن مدى هذه القُدرة، إذ أنّه ليس من السّهل تأكيد هذا الموضوع، إلّا أنّه لم يُسجّل حتّى الآن أي تأثير لطفرة كوفيد-19 الجديدة على معدّل الوفيات، ولم تُرصد حالات أكثر حدة.
ويُتابع زراقط أنّه "حتّى الآن ليس من الواضح ما هي قدرة الأجسام المضادة الموجودة عند الناس -المكتسبة من اللّقاح أو جرّاء إصابة سابقة بالفيروس- على تعطيل السلالة الجديدة"، وبالتّالي لا نعلم حتّى الآن مدى خطورتها، ولذلك نرى هذه الإجراءات الإحترازية في بريطانيا وبدول العالم المجاورة.
ويشدّد زراقط على أنّ "السلوك الوقائي يبقى العامل الأساسي للمُحافظة على الأمان"، ويشير إلى أنّ التّوصية بتوقيف الرّحلات من لندن بضعة أيام للإستيضاح في لبنان، وإلتزام الوافدين الذين أتوا عبر لندن بحجر منزلي إلزامي هي إجراءات إحترازية مطلوبة، إلّا أنّها لن تمنع من وصول السّلالة الجديدة. فمن خصائص الفيروس أنّه ينتشر بسرعة وقد لا نستطيع منع وصول السّلالة الجديدة إلى لبنان على غِرار ما سيحصل في مختلف دول العالم، ويعتبر أنّه من غير المستبعد اننا فقدنا السيطرة للحدّ من انتشار هذه الطّفرة الجديدة من الفيروس خارج حدود أوروبا، حيث وجدت سلالة مشابهة لها طريقاً إلى إفريقيا أيضاً، ومن الصّعب اكتشاف وصولها إلى لبنان إذ أنّنا لا نجري تحليل جيني للفيروس. فحتّى الآن اجرينا فقط تحليلا لـ 18 عينة فقط من عدّة أشهر.