محمد كسرواني
شهد لبنان عاماً صحياً كارثياً، تجلّى بإنتشار فيروس كورونا (كوفيد -19). فكما سائر الدّول وحال تفشي الوباء حظي لبنان بتقلّبات سريعة، بدأت بإشادات دولية بقُدرته على ضبط وتعقّب المُصابين وصولاً إلى تحذيرات من السّفر منهُ وإليه ووضعه على قوائم الدّول الأكثر انتشاراً وتفشياً. في بانوراما كورونا لبنان 2020، سنُحاول أن نلخّص أبرز الأحداث التي شهدها الوباء العالمي خلال رحلته إلى لبنان.
في مطلع العام الحالي، بدأ الحديث عن انتشار وباء جديد في الصين أطلق عليه اسم "كورونا"، وعرف بأسماء أخرى مثل التّاجي والهالة والمُكَلَّلَة وكلّها تعود للفيروس (كوفيد-19). الإعلام اللّبناني سلّط الضّوء بشكلٍ عام على الفيروس وربطه بمدينة ووهان وسط الصين وأنّ العلماء يعدّون الدراسات والأبحاث في مُحاولة للتّعرف أكثر عن هذا الفيروس المُستجد.
وسائل التّواصل الإجتماعي ضجّت في شهريّ كانون الثاني وشباط بفيديوهات من الصين، منها ما ظهر لاحقاً أنّه مُفبرك. اغلب الفيديوهات أظهرت مُصابين يتوفون بوضع صحيّ مُذري، وآخرون ينشرون الوباء على أزرار المصاعد الكهربائية والسلالم الحديدية في الفنادق والمحلّات التّجارية الكبرى.
اول اصابة في لبنان
مع انتشار الأخبار ما بين الصّادقة والكاذبة، اتّخذ مطار بيروت الدولي أولى الإجراءات الإحترازية لا سيما من الدّول الموبوءة كالصين وإيطاليا ودول أخرى. إلى أن اكشتفت أوّل إصابة في لبنان قادمة من إيران في 21 من شهر شباط. بعد التّأكد من أوّل إصابة وأنّها فعلاً قد لا تكون الأولى، وأنّ مُصابين آخرين قدموا إلى لبنان وهم ينشرون الفيروس بين العائلات، اعلنت وزارة التربية اللّبنانية إغلاق المدارس من 29 شباط حتى 8 آذار كإجراء وقائي من فيروس "كورونا" المستجد.
الهلع ساد في لبنان، بات الجميع يرتدي الكمّامة في الطرقات والمحلات التجارية. بات ارتداء الكمّامة شرطاً لدخول الأماكن العامّة، التّشدّد من البلديات ووزارة الداخلية دفع لاتّخاذ أوّل قرار فعليّ بإغلاق المطاعم والمراكز السياحية. أكثر خبر صادم في شهر آذار كان إعلان وزارة الصحّة في اليوم الأوّل من الشّهر عن 3 حالاتٍ جديدةٍ كانت في عزلة بعد وصولها إلى لبنان من إيران قبل أيّام وأصبحت هُناك 10 حالاتٍ مؤكَّدةٍ في لبنان.
اول وفاة واول شفاء
شهر آذار كان حافلاً ومرعباً في آنٍ معاً، ففي حين اُعلن في 10 منه عن تسجيل أوّل وفاة في لبنان، أُعلن في 11 آذار عن أوّل حالة شفاء أيضاً. الأمر تدحرج سريعاً مع تفاقُم أعداد الإصابات، ففي 11 آذار تمّ الإعلان عن الوفاة الثانية جراء الفيروس وارتفاع عدد الإصابات إلى 61 إصابة، فيما أعلن في 12 آذار عن حالة الوفاة الثالثة.
في 15 آذار 2020 أعلنت التّعبئة العامّة في لبنان، وتضمنت الإجراءات التأكيد على وجوب التزام المواطنين البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضّرورة القصوى. أضيف إليها إقفال مطار بيروت الدّولي اعتباراً من يوم الأربعاء 18 آذار حتى يوم الأحد 29 آذار. أقفلت أيضاً المرافئ البحرية والبرية أمام الوافدين، وفق إجراءات استثنت فئات عدّة أبرزها قوة اليونيفيل والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في لبنان والمنظمات الدولية وطائرات الشحن.
في 22 آذار 2020 شهد قسم طوارئ الكورونا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، حدثًا هو الأول من نوعه في لبنان حيث أجريت عملية ولادة قيصرية لسيدة لاحظ أفراد طاقم الطبّ النّسائي والتّوليد ظهور عوارض كورونا عليها.
فتح المطار
استمرّت التعبئة العامة من تمديد إلى تمديد، وفي 05 نيسان عادت حركة الملاحة الجوية لعودة الوافدين. جزء كبير منهم التزم بإجراءات الحجر، آخرون استهتروا وخالطوا ذويهم، ما ظهر في تفشي سريع للفيروس صعُب في بعض الأحيان تعقّبه.
مع ارتفاع الأعداد اليومي للإصابات وخوف وزارة الصحة من انتشار الوباء أعلن الإغلاق الكامل لمدّة 4 أيام، اعتباراِ من 13 أيّار وحتّى 18 منه. في 30 حزيران أعلنت شركة "طيران الشرق الأوسط" عودة عملها بشكل كامل أمام اللبنانيين والعرب والأجانب.
استمر لبنان في مكافحة الوباء، بسياسة إغلاق وفتح البلاد وسط ارتفاع يومي في عدد الإصابات. بعدَها شهد لبنان إغلاقات جزئية لبعض القرى والبلدات. الخطّة لم تنجح بشكل كليّ في إعادة ضبط الوضع بعد تفشي سريع وحالات زادت بشكل يومي حتّى وصلت إلى مشارف الـ 1000.
لبنان يبلغ رقم الذروة
مع استمرار ارتفاع أعداد الإصابات، خلال أشهر تموز وآب وأيلول، بلغ لبنان "رقم الذروة"، بدأ الحديث الفعلي عن عدم قدرة المستشفيات على استيعاب الأعداد المتزايدة. سبب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب حالة هستيرية في نقل الشهداء والجرحى دون اتّخاذ الإجراءات الوقائيّة اللّازمة، ما ساهم بتسارع انتشار الوباء.
الخطر المحدق بلبنان بعدما بلغ عدد الإصابات اليومي أكثر من 2000 إصابة دفع الحكومة إلى العودة إلى الإغلاق الكلي من تاريخ 14 تشرين الثاني وحتى نهاية الشهر.
اللقاح الى لبنان
في أواخر شهر تشرين الثاني ومع بَداية الشهر الأخير من السنة توالت التصريحات لوزير الصحة حمد حسن لتُعيد لبنان التفاؤل بالخير، إذ أعلن عن اتّفاق مع شركة "فايزر" و"بيونتيك" للقاحات على أن يستلم لبنان جزءاً من حصته خلال الربع الأول من العام القادم 2021 أي بشهر آذار.
العام الحافل بكورونا في لبنان، لم ينته إذ أعلن مطار بيروت في 21 كانون الأول التّشدد بالإجراءات والفحوصات مع القادمين من المملكة المتحدة في ضوء ظهور السلالة الجديدة للفيروس في بريطانيا.
لا شكّ أنّ الفيروس وباء عالمي تتظافر الجهود الدّولية لحلّه، لكن انتشار والحدّ من الإنتشار مرهون بوعيّ الناس. وعلى أبواب الأعياد حيث تكثُر اللّقاءات العائلية لا بدّ من التّشدد في الإجراءات من لبس الكمّامة والتّباعد والتّعقيم، حرصاً على أنفسنا وأرواح ذوينا لا سيما العُجّز منهم.