محمد كسرواني
مع تهيئ لبنان لدخول الإقفال التام يوم الخميس المقبل، وسط ارتفاع حاد في أعداد الإصابات اليومي بفيروس كورونا (كوفيد-19)، وامتلاء أسرة المستشفيات بشكل شبه كامل، باتت المحاسبة القانونية للمقصرين والمستهترين بإجراءات الوقاية الصحية حاجة ملحة.
القانون اللبناني نص على عقوبات عدّة يُمكن الإستناد إليها في تجريم ومحاكمة أيّ مستهتر بالإجراءات الصحية تسبب بنقل عدوى إلى مريض آخر، ما يسبّب عطلاً وضرراً وتكاليف على العلاج وانقطاع عن العمل، وقد يودي أحياناً بمفارقة الحياة.
فبمراجعة لقانون العقوبات اللبناني تنص المادة 770 على أنّ "من خالف الأنظمة الإدارية أو البلدية الصادرة وفقاً للقانون عوقب بالحبس حتى ثلاثة أشهر وبالغرامة من مئة ألف إلى ستمائة ألف ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين". تلك المادة كفيلة لربطها بما يصدر حالياً من تعاميم وإرشادات وقائية ضمن مكافحة الوباء.
هذا وتنص المادة 564 من قانون العقوبات اللبناني أيضاً على أنّ "من تسبّب بموت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات". المادة 564 تقدم نصاً واضحاً لتجريم من يتسبّب بقتل آخر نتيجة الإهمال أو عدم مراعاة القوانين وهو ما ينطبق على مخالفة الحجر المنزلي للمصاب بالفيروس أو الإستهتار بارتداء الكمامة في الأماكن العامة، خاصةً مع وجود نص قانوني ملزم بارتدائها في أماكن محدّدة وفي الطرقات.
يضاف إلى تلك المادتين حقّ يستطيع صاحب الدعوى التقدم به للحصول على تعويضات ناتجة عن عطل وضرر، إما لجهة التوقف عن العمل وممارسة مهامه اليومية خلال فترة الإصابة والحجر، أو لجهة المضاعفات التي تنتج عن الإصابة والتي قد تستمر لفترة طويلة بعد الشّفاء.
علاوةً على ما تقدّم أكّدت الأديان السماوية على حرمة إيذاء الآخرين، وما يتبعه من محاكمة إلاهية يوم القيامة. وقد شددت كلّ المرجعيات الدينية على حرمة الإستهتار بإجراءات الوقاية من الفيروس أو مخالفة ضوابط الحجر والعزل للمصاب. وعليه فإنّ العقوبة الإلهية حكماً أشدّ وأصعب من الدنيوية، فضلاً عن البُعد الإنساني والأخلاقي في أذيّة الآخرين وما قد يسببونه هم بذويهم وأقاربهم وحكماً فيهم المسنين وذوي الأمراض المُزمنة.