إيمان مصطفى / خاص كورونا نيوز
مع توالي أخبار بَدء التّطعيم بالعديد من اللّقاحات ضد فيروس كورونا، بدأت موجة التّشكيك بفعاليتها. ورافقت هذه الموجة حملات من الإشاعات والأخبار المغلوطة حول اللقاحات التي يقول خبراء الصحة إنّه لا أساس لها من الصّحة. الأستاذ والباحث في عِلم الفيروسات في الجامعة الأميركيّة في بيروت (AUB) الدّكتور حسن زراقط سلّط الضّوء في حديثه لموقع "كورونا نيوز" على بعض المعلومات الخاطئة بشأن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وأبرزها:
اللّقاحات أنتجت على عجل لذلك فهي غير آمنة
طبعاً الشركات التي أنتجت اللّقاحات لم تتسرّع، صحيح أنّ إنتاجها تمّ بزمن قياسي، ولكن السرعة في تطوير اللقاحات أتت بسبب تراكم الخبرات، وتراكم العلم والتكنولوجيا، والدعم المادي المتوفّر، ممّا خفّف من المخاطر الموجوة عند تطوير أي دواء، ففي حال فشلت هذه الشركات لن تتكلّف كثيراً كما لو كان الأمر قد تمّ بزمن لا يوجد فيه جائحة.
كما أنّ اللّقاحات مرّت بالتّجارب اللّازمة لتطويرها، والموافقة بالإستخدام الطارئ جاءت بعد إنجاز المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.
الفارق أنّه يتعيّن في هذه المرحلة مراقبة المتطوعين الذين تلقوا اللقاح بفترة تمتد من ستة أشهر إلى سنة للتأكّد من عدم وجود أي عوارض جانبية، إلّا أنّه نظراً لاستثنائية المرحلة وضيق الوقت تمّت المراقبة على المدى القصير، حيث لم تظهر أي عوارض جانبية خطيرة، والفعالية كانت عالية، فأصبح من المسموح أن نعطي اللّقاح. اذ أنه من شروط الإستخدام الطارئ أن تراقب الشركات المتطوعين في المرحلة الثالثة للتثبت من عدم إمكانية ظهور عوارض جانبية على المدى الطويل، وعندما تنجز هذه المرحلة، ستأخذ الشركات الموافقة النهائية.
إذاً، فإنّ الشائعات عن إنتاج اللّقاحات على عجل هو كلام عارٍ عن الصحة.
اللقاح سيؤدي إلى الإصابة بالفيروس
اللقاحات مبنية على تقنيات مختلفة، فاللّقاح الصيني "سينوفارم" أو "سينوفاك" على سبيل المثال مبني على الفيروس المعطل، وبالتالي لن يُصاب الشخص بالفيروس، إذ أنّ هذا الفيروس المعطّل عندما يدخل إلى الجسم سينكسر، والنظام المناعي سيبني ذاكرة مناعية وأجسام مضادة لمحاربة الفيروس الحقيقي في حال دخل للجسم في المستقبل.
في المقابل لا تحتوي لقاحات "فايزر بيونتك" و"موديرنا" على الفيروس المعطل، بل تعمل على إدخال الشيفرة التي تساعد الجسم على تصنيع البروتينات الموجودة بالفيروس. ويهدف التطعيم إلى تحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادّة ضد بروتين الفيروس.
ولقاح أسترازينيكا أيضاً يدخل شيفرة الـ "DNA" على الخلايا بواسطة فيروس ليمفاوي ناقل، والتي تساعد بدورها على تصنيع البروتين الشوكي الخاص بالفيروس، وتحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادة.
مما يعني أنّ اللّقاحات لا تؤدي إلى الإصابة بفيروس كورونا.
اللقاح يغيّر الـ"دي إن إيه" الخاص بك
كما ذكرنا، اللّقاحات تستخدم شيفرة جزء من الفيروس، وعندما تدخل هذه الشيفرة إلى الجسم يستخدمها لتصنيع البروتين وبعد فترة هذه الشيفرة تختفي مع البروتين. والجسم يصنع أجساماً مضادة وذاكرة مناعية ضدّ الفيروس. أمّا عند الإصابة بالفيروس ستدخل إلى الخلايا شفيرة الفيروس الوراثية كاملة، وعند الشفاء سينتهي الأمر كله.
وبالتالي، اللّقاح لا يغيّر الـ"دي إن إيه" الخاص بأي جسم. وإذا كان الخوف من اللّقاح الذي يعمد إلى إدخال جزء من شيفرة الفيروس، يجب أن يكون الخوف من الاصابة بالفيروس أكبر.
تعافيت من الوباء فلا حاجة للقاح
بطبيعة الحال، كل من أصيب بفيروس كورونا سيكوّن مناعة ضده، ولكن قد تكون عند بعض الأشخاص ضعيفة، وبالتالي اللقاح سيعزّزها ويقويها.
وعند البعض قد لا تكون هذه المناعة كافية، فاللقاح يعطي مناعة طويلة الأمد وخاصة في حال كان اللّقاح مكوّن من جرعتين.
التّطعيم يعني أنّ الإصابة مستحيلة
إلى الآن لا نعرف ما هي المدّة التي يحمي بها اللقاح الجسم من الإصابة بفيروس كورونا. إذ يوجد نوعين من الحماية. الأول الحماية من المرض (كوفيد - 19) والثانية من الإصابة بالفيروس.
على المدى القصير، اللقاحات تحمي بصورة كبيرة من المرض، ولكن في تجربة أسترازينيكا حاول العلماء أن يراقبوا إذا ما كان اللقاح يحمي من الإصابة بالفيروس وليس فقط بالمرض. أي أنّه من المحتمل أن يحمل الشخص الفيروس ولكنّه لا يمرض لأنّه أخذ اللّقاح.
فتجربة أسترازينيكا أظهرت أنه بينما كان اللقاح يحمي بنسبة كبيرة من الإصابة بالمرض، لم يكن فعالاً بالحماية من الإصابة بالفيروس، لذا من الممكن أن يصاب الشخص بالفيروس بدون عوارض وينقل العدوى، ولكن من الممكن أيضاً أن تعطّل الأجسام المضادّة هذا الفيروس فينتقل إلى شخصٍ آخر ولكن أقل فعالية.
أما في اللقاحات الآخرى، لم يكن هذا جزء من التجربة، وبالتالي لا يمكننا أن نعرف النتيجة، على الرغم من أن التوقعات تشير الى نفس النتيجة. وعلى كل حال، نحتاج إلى إجراء دراسات أكثر في هذا المجال.
اللقاح يؤدي لردود فعل شديدة
في كلّ التجارب التي أجريت على اللقاحات، العوارض الجانبية كانت طفيفة وقصيرة الأمد، وعلى سبيل المثال - لا الحصر- يمكن أن ينتج عن التطعيم ارتفعا في حرارة الجسم والشعور بالارهاق وألم في مكان الحقنة، وهذا نتيجة التحفيز المناعي نتيجة اللقاح. وفي بعض الحالات النادرة تمّ رصد رد فعل تحسّسي لتلقي بعض اللّقاحات، ونسبتها فقط 1 من بين مليون. فإذا قارنها بالمخاطر المُحاطة بالفيروس تُعتبر مخاطرة مقبولة.