إيهاب شوقي/ خاص كورونا نيوز
على الرّغم من المخاوف التي يشعر بها الكثيرون من لقاحات كورونا من حيث الأعراض الجانبية وعدم توفّر إحصاءات كافية عن أمان اللقاحات، إضافةً إلى اعتراف جهات عديدة بأنّ اللّقاح لايمنع الإصابة بنسبة مئة بالمئة، إلّا أنّ من حق الجميع توفير فرص اللقاحات أمامهم وترك المسؤولية على عاتقهم، حيث يوجد بالمقابل كثيرون يتمنون توفّر وجود اللّقاح ويرون به طوق النّجاة من الهلع المحيط بهم.
وفي قراءة سريعة لأحدث التقارير المتعلّقة باللقاحات وتوفّرها، نجد أنّ هناك أرقاماً ربّما تكون صادمة ولها دلالات سياسية مباشرة. ففي إحاطة إعلامية بشأن جائحة "كوفيد-19"، أكّد مدير عام منظّمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس أنّه وبرغم أنّ عدد التّطعيمات حول العالم تجاوز عدد إصابات فيروس كورونا المُبلّغ عنها، إلّا أنّ "أكثر من ثلاثة أرباع تلك التّطعيمات كانت في 10 دول فقط تمثّل حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي". وأضاف أدهانوم أنّ حوالي 130 دولة، بها أكثر من 2.5 مليار شخص، لم تقدّم جرعة واحدة حتى الآن!
وأكّد أنّ جميع الحكومات ملزَمة بحماية شعوبها، ولكن بمجرّد أن تقوم البلدان التي تتوفّر لديها لقاحات "كوفيد-19" بتطعيم العاملين الصحيين، وكبار السن، فإنّ "أفضل طريقة لحماية بقية سكّانها هي مشاركة اللقاحات كي تتمكّن البلدان الأخرى القيام بالأمر ذاته، لأنّه كلّما استغرق تطعيم الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في كلّ مكان وقتاً أطول، زادت الفرصة التي نمنحها لفيروس كوفيد-19 للتّغير والتّهرب من اللقاحات". وأنهى أدهانوم حديثه بعبارة لافتة تقول: "بعبارة أُخرى، ما لم نقمع الفيروس في كلّ مكان، فقد ينتهي بنا المطاف في نقطة البداية".
هنا نحن بصدد تمييز واضح في توزيع اللقاحات، وربّما الرابط الأكبر بين توفّر اللقاحات والدّول هو اقتصادها وحجم ناتجها المحلي، وهو ما يعني أنّ الدول الفقيرة تعامل معاملة صحية وإنسانية من الدرجة الثانية! وقد يقول البعض أنّ إنتاج اللقاحات لا يستطيع تغطية سكان العالم، ولكن الرد على ذلك هو أنّ التّوزيع العادل لا يخلق نسباً متفاوتة لهذه الدرجة المذكورة بالإحصائيات، ولا يجعل هناك هذه الفجوة الكبرى بين دول العالم، وخاصةً وأنّ الدول الفقيرة لا تتمتّع بذات الإمكانات المادية والصحية للدول الكبرى، كما لا تستطيع تحمّل الإغلاق ولا تمتلك الوعي الكافي بالإجراءات الإحترازية والتي تتطلّب نمطاً متقدماً من المعيشة ووسائل المواصلات وتوفّر الإمكانات المادية لشراء لوازم بعض الإجراءات.
وبالنّظر لوضع الكيان الصهيوني وعرقلته لوصول اللقاحات إلى الفلسطينيين، فإنّنا أمام وضع سياسي بامتياز، يؤكّد تسييس اللقاحات وتوفيرها لسكان العالم.
لعلّ شعوب الدول الفقيرة تعي هذا الدرس وتعرف نظرة الغرب إليها كمجرّد سوق ومصدر للموارد دون أي مصداقية لمناداة الغرب بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولعلّ الشعوب تستفيق وتعرف قيمة الإستقلال الوطني ومقاومة الهيمنة وأهمية الإعتماد على الذات وحتمية التقدم العلمي لأنّها مسألة حياة أو موت، بالنّظر لوزن حياتهم في ميزان الغرب وشركات الأدوية الكبرى التي أصبحت جزءًا من شركات العولمة وأداة من أدوات الهيمنة الرأسمالية.