إيمان مصطفى - كورونا نيوز
يخوض العالم سباقاً ضدّ الزّمن من أجل تلقيح أكبر عدد ممكن من النّاس ضدّ فيروس كورونا المستجد، بعدما أدّى الوباء إلى إصابة عشرات الملايين من الأشخاص. فمع حصول المزيد من الناس على اللقاح يبدأ المجتمع في بناء دفاع جماعي ضدّ الفيروس بحيث تصبح حالات العدوى معزولة، ويُعرف هذا المفهوم باسم "مناعة القطيع". وعموماً تتطلّب مناعة القطيع تطعيم حوالي 75% من السكان.
ووفقاً لتقرير نشرته بلومبيرغ -توقع متى تعود الحياة لطبيعتها- سنحتاج 7 سنوات بالوتيرة الحالية للتطعيمات. فقد أطلقت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية أكبر قاعدة بيانات لرصد تطعيمات "كورونا" في جميع أنحاء العالم. وبحسب القاعدة، فإنّ بعض البلدان تحقّق تقدّماً أسرع بكثير من غيرها للوصول إلى هدف تطعيم 75% من مواطنيها. ورغم توقع تحقق الهدف بوتيرة أسرع في الدول الغربية الأكثر ثراءً من بقية العالم، سيستغرق العالم ككل 7 سنوات بالوتيرة الحالية.
ومع الصعوبات التي قد تواجه بعض اللقاحات ومدى فعاليتها، وبسبب سهولة انتقال فيروس كورونا والسلالات الجديدة ومحدودية برامج التّطعيم، فإنّ فيروس كورونا سيظلّ موجوداً لسنوات، وفقاً لمقال لدانييلا هيرنانديز ودرو هينشو في صحيفة وول ستريت جورنال (The Wall Street Journal).
كما نشرت جامعة هوبكنز الأميركية قائمة بالدول الأقرب لتطعيم 75 في المئة من سكّانها، وكشفت الأرقام أنّ ثلث دول العالم فقط هي التي بدأت التلقيح ضدّ فيروس كورونا حتّى الآن، وهو ما يعني أنّ معظم البلدان لم تنطلق بعد لأجل تحصين شعوبها ضدّ العدوى.
فهل سيبقى فيروس كورونا معنا لسنوات عدّة؟ الأستاذ والباحث في عِلم الفيروسات في الجامعة الأميركيّة في بيروت (AUB) الدّكتور حسن زراقط يجيب في حديث لموقع "كورونا نيوز" أنّه "بالفعل قد تحتاج دول العالم كافّة لكي تصل إلى مناعة القطيع لعدد من السنوات". ويضيف: "مرّت ثلاثة أشهر على بَدء وصول اللقاحات، ولم تصل حتّى اللّحظة معظم بلدان العالم النامية لنسبة تطعيم 10 % من عدد السكان"، معتبراً أنّ "دولاً قليلةً جداً بإمكانها أن تصل لمناعة مجتمعية في العام 2021".
ويؤكّد أنّه لن تصل كميات اللقاحات المعقولة لبعض الدول الفقيرة جداً قبل العام 2022، وبالتالي من الممكن أن تحتاج عمليات توزيع اللقاح في العالم للوصول إلى كلّ الدول بنسبة كبيرة إلى عدّة سنوات. ووفقاً لزراقط، فإنّ الحديث عن 7 سنوات هي مجرّد تقديرات، إذ أنّه لا يمكننا أن نحسم العدد الآن، فتقدير الوقت المتبقي للعودة إلى الحياة الطبيعية، يستند إلى وتيرة التطعيم ضدّ الفيروس، في المقام الأول.
ماذا عن لبنان؟ يقول زراقط إنّه بحسب تصريحات المسؤولين سيصل إلينا عدد كبير من اللقاحات يكفي لتطعيم حوالي الـ 50% من السكان في عام 2021. وبالتالي من الممكن أن نصل في الـ 2022 إلى مناعة مجتمعية، إلّا أنّ ذلك يعتمد على عدّة عوامل، إذ يجب الإجابة على بعض الأسئلة، ومنها: هل ستصل هذه اللقاحات الموعودة في وقتها؟ وهل ستصل شركات أخرى إلى نتائج واعدة بلقاحاتها وبالتالي ستزيد لدينا الخيارات؟ هل سيكون هناك لقاحات بأسعار منافسة أكثر؟ وهل ستفي منظّمة كوفاكس بوعودها بتأمين اللقاحات؟
ويختم زراقط مشدداً على أنّنا أمام تحديات كبيرة، منها الطفرات الجديدة التي طرأت على الفيروس، والصعوبات التي قد تواجه جهود السيطرة على جائحة كوفيد-19، ومنها مدى فعالية بعض اللقاحات، فمثلا لقاح "أسترازينيكا-أكسفورد" الأرخص ثمناً والذي تمْ التعويل عليه عالمياً خصوصاً من قبل منظّمة الصحة العالمية، حالياً متعثّر قليلاً خصوصاً في ظلّ المتحوّر الأفريقي. وبالتّالي أمامنا عدّة سنوات للوصول إلى المناعة المجتمعية حول العالم.